للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالصحبة والخلّة، والبواء [١] في اغترابه ذلك، إلى أن استولى على ملكه، وألفى بطنجة الحسن بن يوسف الورتاجني، وكاتب ديوان الجند أبا الحسن بن علي بن السعود، والشريف أبا القاسم التلمساني. فكان منصور بن سليمان ارتاب بهم واتهمهم بمداخلة الوزير الحسن بن عمر بمكانه من البلد الجديد، فصرفهم من معسكره إلى الأندلس، فوافوا الأمير [٢] أبا سالم عند استيلائه على طنجة، فصاروا إلى إيالته، واستوزر الحسن بن يوسف، واستكتب لعلامته أبا الحسن علي بن السعود، واختص الشريف بالمجالسة والمراكبة. ثم قام أهل الثغور الأندلسية بدعوته، وأجاز يحيى بن عمر صاحب جبل الفتح بمن كان معه من العسكر، وطالت حصاة المولى أبي سالم واتسع معسكره، وبلغ الخبر إلى الثائر على البلد الجديد منصور بن سليمان، فجهّز عسكرا لدفاعه وعقد عليه لأخويه عيسى وطلحة، وأنزلهما قصر كتامة، وقاتلوه فهزموه، واعتصم بالجبل وبادر الحسن بن عمر من وراء الجدران فبعث طاعته إليه، ووعده بالتمكين من دار ملكه. وداخل بعض أشياع المولى أبي سالم مسعود بن رحّو بن ماسي وزير منصور في النزوع إلى السلطان، وكان قد ارتاب بمنصور وابنه عليّ، فنزع وانفضّ الناس من حول منصور، وتخاذل أشياعه من بني مرين، ولحق بباديس من سواحل المغرب. ومشى أهل العسكر بأجمعهم في ساقاتهم ومواكبهم على التعبية، فلحقوا بالسلطان أبي سالم واستعدوه إلى دار ملكه، فأغذّ السير وخلع الحسن بن عمر سلطانه السعيد من الأمر لتسعة أشهر من خلافته، وأسلمه عمّه وخرج إليه فبايعه.

ودخل السلطان إلى البلد الجديد يوم الجمعة منتصف شعبان من سنة ستين وسبعمائة واستولى على ملك المغرب، وتوافت وفود النواحي بالبيعات، وعقد للحسن بن عمر على مراكش، وجهّزه إليها بالعساكر ريبة بمكانه. واستوزر مسعود بن رحّو بن ماسي والحسن بن يوسف الورتاجني، واصطفى من خواصّه خطيب أبيه الفقيه أبا عبد الله محمد بن أحمد بن مرزوق، وجعل إلى مؤلف هذا الكتاب توقيعه وكتابة سرّه. وكنت نزعت إليه من معسكر منصور بن سليمان بكدية العرايس لما رأيت من اختلال أحواله، ومصير الأمر إلى السلطان، فأقبل عليّ وأنزلني بمحل التنويه،


[١] وفي نسخة ثانية: وألفه.
[٢] وفي نسخة ثانية: المولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>