للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجافى له عن جميع الثغور الأندلسية التي كانت لمملكته ما عدا الجزيرة وطريف.

وتفرّقا من مكانهما على أكمل حالات المصافاة والوصلة، ورجع السلطان إلى الجزيرة ووافاه بها وفد الطاغية شانجة مجدّدين عقد السلم الّذي عقد له أمير المسلمين عفا الله عنه فأجابهم. ولمّا تمهّد أمر الأندلس ومرّ عن النظر فيها، عهد لأخيه أبي عطيّة العبّاس على الثغور الغربية والإمارة عليها. وعقد لعلي بن يوسف بن يزكاسن على مسالحها، وأمدّه بثلاثة آلاف من عساكره. وأجاز إلى المغرب فاحتلّ بقصر مصمودة سابع ربيع الثاني. ثم ارتحل إلى فاس، واحتلّ بها لاثنتي عشرة خلت من جمادى، ولحين استقراره بدار ملكه، خرج عليه محمد بن إدريس بن عبد الحق في إخوته وبنيه وذويهم، ولحق بجبل ورغة [١] . ودعا لنفسه، وسرّح إليه السلطان أخاه أبا معروف، فبدا له في النزوع إليهم، ولحق بهم. فأغزاهم السلطان عساكره وردّد إليهم البعوث والكتائب، وتلطّف في استنزال أخيه، فنزل عن الخلاف وعاد إلى حسن طاعته. وفرّ أولاد إدريس إلى تلمسان، وتقبّض عليهم أثناء طريقهم، وسرّح السلطان أخاه أبا زيّان إلى تازى، وأوعز إليه بقتلهم بمليلي خارج تازى لرجب من سنة خمس وثمانين وستمائة ورهب الأعياص عند ذلك من بادرة السلطان ففرقوا ولحق بغرناطة أولاد أبي العلاء إدريس بن عبد الحق، وأولاد يحيى بن عبد الحق، وأولاد عثمان بن يزول.

ورجع أولاد أبي يحيى إلى السلطان بعد اقتضاء عهده وأمانه. وهلك أخوه محمد بن يعقوب بن عبد الحق لشعبان من منته. وهلك عمر ابن أخيه أبي مالك بطنجة. ثم خرج على السلطان عمر بن عثمان بن يوسف العسكري بقلعة قندلاوة، ونبذ الطاعة وأذن بالحرب. وأوعز السلطان إلى بني عسكر ومن إليهم من القبائل المجاورين لها، فاحتشدوا له ونازلوه. ثم نهض بركابه وعساكره إلى منازلته، واحتل بسدورة [٢] ، وخافه عمر على نفسه، وأيقن أنه أحيط به، فسأل الأمان.

وبذله السلطان على شريطة اللحاق بتلمسان، فبعث من يوثق به من الخيرة فنزل.

فوفّى له السلطان بعهده، ولحق بتلمسان بأهله وولده.

ثم ارتحل السلطان في رمضان من سنته إلى مراكش لتمهيد أنحائها، وتثقيف أطرافها،


[١] وفي نسخة ثانية: جبل درعة.
[٢] وفي نسخة ثانية: بنبدورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>