البحيرة في عام ثمان وسبعين وانعقد هؤلاء المماليك المتفاوضون في الثورة بمنزل الطرّانة وبيتوا له ونمي اليه خبرهم ورأى العلامات التي قد أعطيها من أمرهم فركب مكرا في بعض خواصه وخاض النيل إلى القاهرة وتقدّم إلى نواتية البحر أن يرسوا سفنهم عند العدوة الشرقية ويمنعوا العبور كل من يرومه من العدوة الغريبة وخالفه استدمر واقتفان إلى السلطان في ليلتهم وبايعوه على مقاطعة بيبقا ونكبته ولما وصل بيبقا إلى القاهرة جمع من كان بها من الأمراء والحجاب من مماليكه وغيرهم وكان بها ايبك البدري أمير ماخورية فاجتمعوا عليه وكان يقتمر النظامي وارغون ططن بالعباسية سارحين فاجتمعوا اليه فخلع الأشرف ونصب أخاه أتوك ولقبه المنصور وأحضر الخليفة فولاه واستعدّ للحرب وضرب مخيمة بالجزيرة الوسطى على البحر ولحق به من كانت له معه طاغية من الأمراء الذين مع السلطان بصحابة أو أمر أو ولاية مثل بيبقا العلائي الدوادار ويونس الرمام وكمشيقا الحموي وخليل بن قوصون ويعقوب شاه وقرابقا البدري وابتغا الجوهري ووصل السلطان الأشرف من الطرّانة صبيحة ذلك اليوم على التعبية قاصدا دار ملكه وانتهى إلى عدوة البحر فوجدها مقفرة من السفن فخيم هنالك وأقام ثلاثا وبيبقا وأصحابه قبالتهم بالجزيرة الوسطى ينفحونهم بالنبل ويرسلون عليهم الحجارة من المجانيق وصواعق الأنفاط وعوالم النظارة في السفن الى أن تتوسط فيركبونها ويحركونها بالمجاذيف ناحية الى السلطان حتى كملت منها عدّة وأكثرها من القربان التي أنشأها بيبقا وأجاز فيها السلطان وأصحابه إلى جزيرة الفيل وسار على التعبية وقد ملأت عساكره وتابعه بسيط الأرض وتراكم القتام بالجوّ وغشيت سحابه موكب بيبقا وأصحابه فتقدّموا للدفاع وصدقتهم عساكر السلطان القتال فانفضوا عن بيبقا وتركوه أوحش من وتد في قلاع فولى منهزما ومرّ بالميدان فصلى ركعتين عند بابه واستمرّ إلى بيته والعوام ترجمه في طريقه وسار السلطان في تعبيته إلى القلعة ودخل قصره وبعث عن بيبقا فجيء به واعتقل بحبس القلعة سائر يومه فلما غشي الليل ارتاب المماليك بحياته وجاءوا إلى السلطان يطلبونه وقد أضمروا الفتك به وأحضره السلطان وبينما هو مقبل على التضرّع للسلطان ضربه بعضهم فأبان رأسه وارتاب من كان منهم خارج القصر في قتله فطلبوا معاينته ولم يزالوا يناولون رأسه من واحد إلى واحد حتى رماه آخرهم في مشعل كان بإزائه ثم دفن وفرغ من أمره وقام بأمر الدولة استدمر الناصري ورديفه بيبقا الاحمدي ومعهما بحماس الطازي وقرابقا الصرغتمشي وتغري بدمشق المتولون كبر هذه الفعلة وتقبضوا على الأمراء الذين عدلوا عنهم إلى بيبقا فحبسوهم بالإسكندرية وقد مرّ ذكرهم وعزل خليل بن قوصون وألزم بيته وولوا أمراء مكان المحبوسين