للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنصر بن سيّار وشدّوا على العدوّ وقتل أعيانا منهم وأقبل الجنيد على الميمنة وأقبل تحت راية الأزد فقال له صاحب الراية: ما قصدت كرامتنا لكن علمت أنّا لا نصل إليك ومنا عين تطرف. فصبروا وقاتلوا حتى كلّت سيوفهم وقطع عبيدهم الخشب فقاتلوا بها حتى أدركهم الملل وتعانقوا ثم تحاجزوا وهلك من الأزد في ذلك المعترك نحو من ثمانين فيهم عبد الله بن بسطام ومحمد بن عبد الله بن جودان والحسين بن شيخ ويزيد ابن المفضّل الحرّاني. وبين الناس كذلك إذ طلعت أوائل عسكر خاقان فنادى منادي الجنيد بالنزول فترجلوا، وخندق كل كائن على رجاله. وقصد خاقان جهة بكر بن وائل وعليهم زياد بن الحرث فحملت بكر عليهم فأفرجوا واشتد القتال، وأشار أصحاب الجنيد عليه بأن يبعث إلى سورة بن أبجر من سمرقند ليتقدّم الترك إليه ليكون لهم شغل به عن الجنيد وأصحابه، فكتب يستقدمه فاعتذر فأعاد عليه وتهدّده وقال:

أخرج وسر مع النهر لا تفارقه فلما خرج هو استبعد طريق النهر واستخلف على سمرقند موسى بن أسود الحنظليّ وسار محمد في اثني عشر ألفا حتى إذا بقي بينه وبين الجنيد وعساكره فرسخ لقيه خاقان عند الصباح وحال بينهم وبين الماء واضرم النار في اليبس حواليهم فاستماتوا وحملوا وانكشفت الترك وأظلم الجوّ بالعجاج. وكان من وراء الترك لهب سقط فيه جميع العدوّ والمسلمون وسقط سورة فاندقت فخذه ثم عطف الترك فقتلوا المسلمين ولم يبق منهم إلا القليل وانحاش بالناس المهلب بن زياد والعجمي في ستمائة أو ألف، ومعه قريش بن عبد الله العبديّ إلى رستاق المرغاب، وقاتلوا بعض قصوره فأصيب المهلب وولّوا عليهم الرحب بن خالد. وجاءهم الاسكيد صاحب نسف وغورك ملك الصغد فنزلوا معه إلى خاقان فلم يجز أمان غورك وقتلهم ولم ينج منهم أحد. ثم خرج الجنيد من الشعب قاصدا سمرقند وأشار عليه مجشر بن مزاحم بالنزول فنزل ووافقته جموع الترك فجال الناس جولة وصبر المسلمون وقاتل العبيد وانهزم العدوّ ومضى الجنيد إلى سمرقند فحمل العيالات إلى مرو وأقام بالصغد أربعة أشهر وكان صاحب الرأي بخراسان في الحرب المجشّر بن مزاحم السلمي وعبد الرحمن ابن صبح المخزومي وعبيد الله بن حبيب الهجريّ. ولما انصرفت الترك بعث الجنيد نهار بن توسعة بن تيم الله وزميل بن سويد بن شيم بالخبر وتحامل فيه على سورة بن أبجر بما عصاه من مفارقة النهر حتى نال العدوّ منه فكتب إليه هشام قد بعث إليك من المدد عشرة آلاف من البصرة ومثلها من الكوفة وثلاثون ألف رمح ومثلها سيفا. وأقام

<<  <  ج: ص:  >  >>