وحبسهم وكان أمر الزيدية بصفد قد خرج من بني الرسي وصار لبني سليمان بن داود كما مرّ في أخبارهم ثم بويع من بني الرسي أحمد بن الحسين من بني الهادي يحيى بن الحسن بن القاسم الرسي بايع له الزيدية بحصن ملا وكانوا من يوم أخرجهم السليمانيون من صفد قد أووا إلى جبل مكانه فلما بويع أحمد بن الحسين هذا لقبوه الموطئ وكان تحصن بملا وكان الحديث شائعا بين الزيدية بأنّ الأمر يرجع إلى بني الرسي وكان أحمد فقيها أديبا عالما بمذهب الزيدية مجتهدا في العبادة وبويع سنة خمس وأربعين وستمائة وأهمّ عمر بن رسول شأنه فشمر لحربه وحاصره بحصن ملامدة ثم أفرج عنه وجهز العساكر لحصاره من الحصون المجاورة له ولم يزل قائما بأمره إلى أن وثب عليه سنة ثمان وأربعين جماعة من مماليكه بممالأة بني أخيه حسن فقتلوه لثمان عشرة سنة من ولاية المظفر يوسف بن عمر ولما هلك المنصور علي بن رسول كما قلناه قام بالأمر مكانه ابنه المظفر شمس الدين يوسف وكان عادلا محسنا وفرض الإتاوة عليه لملوك مصر من الترك لما استقلوا بالملك وما زال يصانعهم بها ويعطيهم إياها وكان لأوّل ملكه امتنع عليه حصن الدملوة فشغل بحصاره وتمكن أحمد الموطئ الثائر بحصن ملامن الزيدية من أعقاب بني الرسي فملك عشرين حصنا من حصون الزيدية وزحف إلى صفد فملكها من يد السليمانيين ونزل له أحمد المتوكل إمام الزيدية منهم فبايعه وأمنه ولما كانوا في خطابة لم يزل في كل عصر منهم إمام كما ذكرناه في أخبارهم قبل ولم يزل المظفر واليا على اليمن إلى أن هلك بغته سنة أربع وتسعين لست وأربعين سنة من ملكة الأشرف عمر بن المظفر يوسف ولما هلك المظفر يوسف كما قلناه وولي بعده ابنه الأشرف ممهد الدين عمر وكان أخوه داود واليا على الشحر فدعا لنفسه ونازعه الأمر فبعث الأشرف عساكره وقاتلوه وهزموه وقبضوا عليه وحبسه واستمرّ الأشرف في ملكه إلى أن سمته جاريته فمات سنة ست وتسعين لعشرين شهرا من ولايته [١] أخوه داود بن المظفر المؤيد يوسف ولما هلك الأشرف بن عمر بن المظفر يوسف أخرج أخاه مؤيد الدين داود من معتقله وولوه عليهم ولقبوه المؤيد وافتتح أمره بقتل الجارية التي سمت أخاه وما زال يواصل ملوك الترك بهداياه وصلاته وتحفه والضريبة التي قررها سلفه وانتهت هديته سنة إحدى عشرة وسبعمائة إلى مائتي وقر بعير بالثياب والتحف وطرف اليمن ومائتين من الجمال والخيل ثم بعث سنة خمس عشرة بمثل ذلك وفسد ما بينه وبين ملوك الترك بمصر وبعث بهديته سنة ثمان عشرة فردّوها عليه ثم هلك سنة إحدى وعشرين وسبعمائة لخمس وعشرين سنة من
[١] بياض بالأصل وفي أخبار البشر ج ٤ ص ٣٣: وتوفي والملك المؤيد داود في الاعتقال مقيدا.