حرفين من العربيّة، فترده العرب الى أحد ذينك الحرفين وفي مخرجه، فيتغير عن أصله، ولذلك تكون فيها إمالة متسوطة أو محضة، فيصير الى حرف العلّة الّذي بعده من ياء أو واو، فلذلك تنقل الكلمة منها على اختلاف، وإلا فشأن الأعلام أن لا تختلف. وقال الطبريّ: إن بين شالخ وأرفخشذ أبا آخر اسمه قينن، وسقط ذكره من التوراة لأنه كان ساحرا وادّعى الألوهية. وقال ابن حزم: في كتب النصارى أنّ بين فالغ وعابر أبا آخر اسمه ملكيصدق وهو أبو فالغ.
واعلم أن نوحا صلوات الله عليه بلغ عمره يوم الطوفان ستمائة سنة، وعاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة، فكانت جملة ذلك تسعمائة وخمسين سنة، ألف سنة إلا خمسين وهذا نص المصحف الكريم، وكذا وقع في التوراة بعينه. ومن الغريب الواقع في التوراة أنّ عمر إبراهيم كان يوم وفاة نوح ثلاثا وخمسين سنة، لأنه قال إنّ أرفخشذ ولد لسام بعد سنتين من الطوفان، ولما بلغ خمسا وثلاثين سنة ولد له ابنه شالخ، وبعد ثلاثين سنة ولد ابنه عابر، وبلغ عابر أربعا وثلاثين سنة فولد ابنه فالغ، وبلغ فالغ ثلاثين سنة فولد له أرغو، وبلغ أرغو اثنتين وثلاثين سنة فولد شاروغ، وبلغ شاروغ ثلاثين سنة فولد ناحور، وبلغ ناحور تسعا وعشرين سنة فولد تارح، وبلغ تارح خمسا وسبعين سنة فولد إبراهيم، وجملة هذه السنين من الطوفان إلى ولادة إبراهيم مائتان وسبع وتسعون سنة، وعمر نوح بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسون سنة، فيكون إبراهيم بعد وفاة نوح ابن ثلاث وخمسين سنة، فيكون لقي نوحا صلوات الله عليهما وخالطه وأخذ عنه، وهو على رأي بعضهم أب لجميع الشعوب من بعده، فلذلك كان الأب الثالث للخليقة من بعد آدم ونوح صلوات الله عليهم أجمعين أهـ.
وفي كتاب البدء ونقله ابن سعيد: أنّ أوّل من ملك الأرض من ولد نوح، كنعان بن كوش بن حام، فسار من أرض كنعان بالشام الى أرض بابل، فبنى مدينة بابل اثني عشر فرسخا في مثلها، وورث ملكه ابنه النمرود بن كنعان، وعظم سلطانه في الأرض، وطال عمره، وغلب على أكثر المعمور، وأخذ بدين الصابئة، وخالفه الكلدانيون منهم في التوحيد وأسمائه، ومال معهم بنو سام، وكان سام قد نزل بشرقيّ الدجلة، وكان وصيّ أبيه في الدين والتوحيد، وورث ذلك ابنه أرفخشذ، ومعنى أرفخشذ مصباح مضيء، فاشتغل بالعبادة ودعاه الكلدانيون الى القيام بالتوحيد