للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فامتنع. ثم قام من بعده ابنه شالخ وعاش طويلا وقام من بعده بأمره ابنه عابر كذلك وخرج مع الكلدانيين على النمروذ منكرا لعبادة الهياكل، فغلبه نمروذ وأخرجه من كوثا، فلحق هو ومن معه من الحلفاء بالجزيرة وهي مدينة المجدل بين الفرات ودجلة. وعابر هذا هو أبو العبرانيّين الذين تكلموا بالعبرانية، واستفحل ملكه بالمجدل. قال ابن سعيد وورث من بعده ابنه فالغ وهو الّذي قسّم الأرض بين ولد نوح، وفي زمانه بنى النمرود الصرح ببابل [١] وكان من أمره ما نصّه القرآن، وقام بأمر فالغ من بعده ابنه ملكان فيما زعموا وغلبه الجرامقة والنبط على ملكه، وقام بالمجدل في ملكهم إلى أن هلك وخلف ابنه أتيا ويقال له الخضر. وأما أرغو بن فالغ فعبر الى كلواذا ودخل في دين النبط، وهي بدعة الصابئة وولد له منهم ابنه شاروخ، ثم بعده ناحور بن شاروخ، ثم بعد تارح بن ناحور الّذي سمّي آزر، واستخلص النمروذ آزر وقدمه على بيت الأصنام، والنمروذ من ملوك الجرامقة واسمه هاصد بن كوش، انتهى كلام ابن سعيد.

وولد لتارخ وهو آزر على ما وقع في التوراة ثلاثة من الولد إبراهيم وناحور وهاران، ومات هاران في حياة أبيه تارح، وترك ابنه لوطا فهو ابن أخي إبراهيم. قال الطبريّ: ولد إبراهيم الخليل قيل بناحية كوثا من السواد وهو قول ابن إسحاق، وقيل بحران، وقيل ببابل. وعامة السلف انه ولد على عهد نمروذ بن كنعان بن كوش بن سام. وكان الكهان يتحدّثون بولادة رجل يخالف الدين، ويكسر الأصنام والأوثان، فأمر بذبح الولدان، فولدته أمه وتركته بمغارة في فلاة من الأرض حتى كبر وشب، ورأى في الكواكب ما رآه، وكملت نبوّته، فأحضرته إلى أبيه ودعاه إلى التوحيد، فامتنع وكسر إبراهيم الأصنام، وأحضر عند نمروذ وقذفه في النار، فصارت بردا وسلاما، وخرج منها ولم تعد عليه كما نصّ ذلك القرآن. ثم تدبر النمروذ في أمره، وطلب من إبراهيم أن يقرّب قربانا يفتدي مما دعاه إليه، فقال له إبراهيم:

لن يقبل منك إلا الإيمان، فقال: لا أستطيع، وترك إبراهيم وشأنه.

ثم أمر الله إبراهيم بالخروج من أرض الكلدانيين ببابل فخرج به أبوه تارح ومعهما على ما في التوراة ابنه ناحور بن تارح، وزوجته ملكا بنت أخيه هاران، وحافده لوط بن


[١] يقال ان الصرح سبعة الاف درجة ويقال ثلاثة الاف وشيء وجعل يرمي في السماء فيرجع نبله اليه مختضبا ... (البدء والتاريخ ج ٣ ص ٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>