الكوفة وقتل من ظفر به ولقيه أهله فاعتذروا إليه بأنّ هذا فعل الغوغاء، وأنّ العبّاس باق على عهده. ودخل سعيد وأبو البطّ ونادوا بالأمان وولّوا على الكوفة الفضل بن محمد بن الصبّاح الكنديّ، ثم عزلوه وولّوا مكانه غسّان بن الفرج فقتل أخا السرايا.
ثم عزلوه وولّوا الهول ابن أخي سعيد القائد وقدم حميد بن عبد الحميد لحربهم بالكوفة، فهرب الهول وبعث إبراهيم بن المهدي بن عيسى بن محمد بن أبي خالد لحصار الحسن بواسط على طريق النيل وكان الحسن متحصّنا بالمدينة، فسرّح أصحابه لقتالهم فانهزموا وغنم عسكرهم، ورجع عيسى إلى بغداد فقاتل سهل بن سلامة المطوّع حتى غلبه على منزله فاختفى في غمار النظّار وأخذوه بعد ليال وأتوا به إسحاق فقال: كل ما كنت أدعو إليه باطل فقالوا: أخرج فأعلم الناس بذلك فخرج وقال: قد كنت أدعوكم إلى الكتاب والسّنّة ولم أزل على ذلك فضربوه وقيّدوه وبعثوا به إلى إبراهيم المهدي فضربه وحبسه، وظهر أنه قتل في محبسه خفية لسنة من قيامه.
ثم أطلقه فاختفى إلى أن انقرض أمر إبراهيم. وزحف حميد بن عبد الحميد سنة ثلاث ومائتين إلى قتال إبراهيم بن المهدي وأصحابه وكان عيسى بن محمد بن أبي خالد هو المتولّي لقتالهم بأمر إبراهيم، فداخلهم في الغدر بإبراهيم وصار يتعلّل عليه في المدافعة عنه، ونمي ذلك إلى إبراهيم بن هارون أخي عيسى فتنكر له، ونادى عيسى في الناس بمسالمة حميد فاستدعاه إبراهيم وعاتبه بذلك فأنكر واعتذر، فأمر به فضرب وحبس عدّة من قوّاده وأفلت العبّاس خليفته، فمشى بعض الناس إلى بعض ووافقوا العبّاس على خلع إبراهيم وطردوا عامله من الجسر والكرخ. وثار الرعاع والغوغاء.
وكتب العبّاس إلى حميد يستقدمه ليسلم إليه بغداد ونزل صرصر وخرج إليه العبّاس والقوّاد وتواعدوا لخلع إبراهيم على أن يدفع لهم العطاء. وبلغ الخبر إلى إبراهيم فأخرج عيسى وإخوته، وسأله قتال حميد فامتنع. ودخل حميد فصلّى الجمعة وخطب للمأمون وشرع في العطاء ثم قطعه عنهم فغضب الجند. وعاود إبراهيم سؤال عيسى في قتال حميد ومدافعته فقاتل قليلا، ثم استأسر لهم وانفض العسكر راجعين إلى إبراهيم. وارتحل حميد فنزل في وسط المدينة وتسلّل أصحاب إبراهيم إلى المدائن فملكوها وقاتل بقيّتهم حميد، وكان الفضل بن الربيع مع إبراهيم فتحوّل إلى حميد وكاتب المطّلب بن عبد الله بن مالك بأن يسلّموه إليه. وكان سعيد بن الساحور والبطّ وغيرهم من القوّاد يكاتبون عليّ بن هشام بمثل ذلك. ولما علم إبراهيم بما اجتمعوا