عثمان في ملك المغرب بامدادهم ومظاهرتهم، وسوّلت له نفسه ذلك، فخرج من سبتة وولّى على جيش الغزاة بعده عمر ابن عمّه رحّو بن عبد الله. ونجم هو ببلاد غمارة، فدعا لنفسه وإجابته القبائل منهم. واحتلّ بحصن علودان من أمنع معاقلهم، وبايعوه على الموت. ثم نهض إلى أصيلا والعريش فغلب عليها. واتصل ذلك كلّه بالسلطان الهالك أبي يعقوب فلم يحركه استهانة بأمرهم. وبعث ابنه أبا سالم بالعساكر، فنازل سبتة أياما. ثم أقلع عنها. وبعث بعده أخاه يعيش بن يعقوب وأنزله طنجة، وجمّر معه الكتائب وجعلها ثغرا. وزحف إليه عثمان بن أبي العلاء فتأخّر عن طنجة إلى القصر. ثم اتبعه فخرج إليه أهل القصر فرسانا ورجالا ورماة مع يعيش، فوصلوا إلى وادي وراء، ثم انهزموا إلى البلد. ومات عمر بن ياسين، ونزل عثمان عليهم القصر يوما، ثم دخله من غده. ثم كان مهلك السلطان، وفرّ يعيش بن يعقوب خيفة من أبي ثابت، فلحق بعثمان بن أبي العلاء واستقام أمره بتلك الجهات برهة. وكان السلطان أبو ثابت لمّا احتل بالمغرب شغله ما كان من انتزاء يوسف بن أبي عياد بمراكش كما قدّمناه، فعقد على حرب عثمان بن أبي العلاء مكان عمّه يعيش بن يعقوب لعبد الحق بن عثمان بن محمد بن عبد الحق من رجال بيته، فزحف إليه. ونهض عثمان إلى لقائه منتصف ذي الحجّة سنة سبع وسبعمائة فهزمه واستلحم من كان معه من جند الروم. وهلك في تلك الوقعة عبد الواحد الفودودي من رجالات السلطان المرشّحين ردفاء الوزارة. وسار عثمان إلى قصر كتامة فنزله، واستولى على جهاته. وعلى تفيئة ذلك كان رجوع السلطان من غزاة مراكش وقد حسم الداء ومحا أثر النفاق، فاعتزم على الحركة إلى بلاد غمارة يمحو منها أثر دعوة ابن أبي العلاء التي كادت تلج عليه ممالكه بالمغرب، ويردّه على عقبه ويستخلص سبتة من يد ابن الأحمر لما صارت ركابا لمن يروم الانتزاء والخروج من القرابة والأعياص المستنفرين وراء البحر غزاة في سبيل الله، فنهض من فاس منتصف ذي الحجة من سنة سبع وسبعمائة ولما انتهى إلى قصر كتامة تلوم به ثلاثا حتى توافت عساكره وحشوده، وكمل اعتراضها وفرّ عثمان بن أبي العلاء أمامه، وارتحل السلطان في اتباعه فنازل حصن علودان واقتحمه عنوة. واستلحم به زهاء أربعمائة.
ثم نازل بلد الدمنة، واقتحمها وأثخن فيها قتلا وسبيا لتمسّكهم بطاعة ابن أبي العلاء ومظاهرتهم له. ثم كبس القصر واستباحة. ثم ارتحل إلى طنجة واحتلّ بها غرّة ثمان