الباقر إلى ابنه جعفر الصادق، ثم جعفر الصادق إلى ابنه إسماعيل الإمام، ومنه إلى ابنه محمّد، ويسمّونه المكتوم لأنهم كانوا يكتمون اسمه حذرا عليه. ثم اوصى محمد المكتوم إلى ابنه جعفر المصدق، وجعفر المصدق إلى ابنه محمد الحبيب، ومحمد الحبيب إلى ابنه عبيد الله المهدي الّذي دعا له أبو عبد الله الشيعي. وكانت شيعهم منتشرين في الأرض من اليمن إلى الحجاز والبحرين والطرق وخراسان والكوفة والبصرة والطالقان. وكان محمد الحبيب ينزل سلمية من أرض حمص، وكان عادتهم في كل ناحية يدعون للرضا من آل محمد، ويرومون إظهار الدعوة بحسب ما عليهم.
وكان الشيعة من النواحي يعملون مكيهم في أكبر الأوقات لزيارة قبر الحسين، ثم يعرجون على سلمية لزيارة الأئمة من ولد إسماعيل وكان باليمن من شيعتهم. ثم بعده لأئمة قوم يعرفون ببني موسى ورجل آخر يعرف بمحمّد بن الفضل أصله من جند.
وجاء محمد إلى زيارة الإمام محمد الحبيب، فبعث معه أصحابه رستم بن الحسين بن حوشب بن داود النجّار، وهو كوفيّ الأصل وأمره بإقامة الدعوة، وأنّ المهديّ خارج في هذا الوقت، فسار إلى اليمن ونزل على بني موسى وأظهر الدعوة هنالك للمهدي من آل محمد الّذي ينعتونه بالنعوت المعروفة عندهم، فاتّبعه واستولى على كثير من نواحي اليمن. وكان أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن محمد بن زكريا المعروف بالمحتسب، وكان محتسبا بالبصرة. وقيل إنما المحتسب أخوه أبو العبّاس المخطوم وأبو عبد الله يعرف بالعلم. لأنه كان يعرف مذهب الإمامية الباطنية، قد اتّصل بالإمام محمد الحبيب وخبر أهليته، فأرسله إلى أبي حوشب، ولزم مجالسته وأفاد علمه. ثم بعثه مع الحاج اليمني إلى مكّة، وبعث معه عبد الله بن أبي ملّا، فأتى الموسم ولقي به رجالات كتامة مثل حريث الحميليّ وموسى بن مكاد، فاختلط بهم وعكفوا عليه لما رأوا عنده من العبادة والزهد، ووجّه إليهم بدرا من ذلك المذهب، فاغتبط واغتبطوا وارتحل معهم إلى بلدهم ونزل بها منتصف ربيع سنة ثمان وثلاثين، وعيّن لهم مكان منزله بفتح الأحار وأن النصّ عنده من المهديّ بذلك، ولجهره المهدي وأنّ أنصاره الأخيار من أهل زمانه، وأنّ اسم أنصاره مشتق من الكتمان ولم يعيّنه، واجتمع لمناظرته كثير من أهل كتامة فأبى، ثم أطاعوه بعد فتن وحروب. واجتمعوا على دعوته وكانوا يسمّونه أبا عبد الله المشرفي والشيعيّ، ولما اختلف كتامة عليه واجتمع كثير منهم على قتله قام بنصرته الحسن بن هارون، وسار به