البطحاوي، وابن الأزرق، وزعيم الشيعة أبو عبد الله بن النعمان، فهي شهادة على السماع. وكان ذلك متّصلا في دولة العبّاسية منذ مائتين من السنين فاشيا في أمصارهم وأعصارهم. والشهادة على السماع في مثله جائزة على أنّها شهادة نفي، ولا تعارض ما ثبت في كتاب المعتضد مع أن طبيعة الوجود في الانقياد لهم، وظهور كلمتهم أدل شيء على صدق نسبهم. وأمّا من جعل نسبهم في اليهودية أو النصرانيّة لميمون القدّاح أو غيره فكفاه إثما تعرّضه لذلك. وأما دعوتهم التي كانوا يدعون لها فقد تقدّم ذكرها في مذاهب الشيعة من مقدّمة الكتاب، وانقسمت مذاهب الشيعة مع اتفاقهم على تفضيل عليّ على جميع الصحابة إلى الزيديّة القائلين بصحة إمامة الشيخين مع فضل عليّ، ويجوّزون إمامة المفضول وهو مذهب زيد الشهيد وأتباعه، والرافضة ويدعون بالإمامية المتبرّءين من الشيخين بإهمالهما وصية النبيّ صلى الله عليه وسلم بخلافة عليّ. مع أنّ هذه الوصية لم تنقل من طريق صحيح، قال بها أحد من السلف الذين يقتض بهم، وإنما هي من أوضاع الرّافضة. وانقسم الرافضة بعد ذلك إلى اثني عشريّة نقلوا الخلافة من جعفر بعد الحسن والحسين وعليّ زين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق إلى ابنه موسى الكاظم وولده على سلسلة واحدة إلى تمام الاثني عشر، وهو محمد المهدي وزعموا أنه دخل سردابا وهم في انتظاره إلى الآن. وإلى الإسماعيلية نقلوا الخلافة من جعفر الصادق إلى ابنه إسماعيل، ثم ساقوها في عقبة فمنهم من انتهى بها إلى عبيد الله هذا المهدي، وهم العبيديّون، ومنهم من ساقها إلى يحيى بن عبيد الله بن محمد المكتوم. وهؤلاء طائفة من القرامطة وهي من كذباتهم، ولا يعرف لمحمد بن إسماعيل ولد اسمه عبيد الله. وكان شيعة هؤلاء العبيديّين بالمشرق واليمن وإفريقية. وسار بها إلى إفريقية رجلان يعرف أحدهما بالحلوانيّ والآخر بالسفيانيّ أنفذهما الشيعة إلى هنالك وقالوا لهما: إنّ العرب أرض بور فاذهبا واحرثاها حتى يحيا صاحب البذر، وسارا لذلك ونزلا أرض كتامة، أحدهما ببلد يسمّى سوق حمار. وفشت هذه الدعوة منهما في أهل تلك النواحي من البربر وخصوصا في كتامة، وكانوا يزعمون أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أوصى إلى عليّ بالخلافة بالنصوص الجليّة وعدل عنها الصحابة إلى غيره فوجب البراءة ممن عدل عنها. ثم أوصى عليّ إلى ابنه الحسن ثم الحسن إلى أخيه الحسين، ثم الحسين إلى ابنه عليّ زين العابدين، ثم زين العابدين إلى ابنه محمد الباقر، ثم محمد