غلب عليهم بنو يعرب بن قحطان. وهؤلاء العرب العاربة شعوب كثيرة. وهم عاد وثمود وطسم وجديس وأميم وعبيل وعبد ضخم وجرهم وحضرموت وحضورا والسلفات.
وسمي أهل هذا الجيل العرب العاربة، إما بمعنى الرساخة في العروبية كما يقال: ليل أليل، وصوم صائم. أو بمعنى الفاعلة للعروبية والمبتدعة لها بما كانت أول أجيالها وقد تسمى البائدة أيضا بمعنى الهالكة، لأنه لم يبق على وجه الأرض أحد من نسلهم.
فأما عاد وهم بنو عاد بن عوص بن إرم بن سام فكانت مواطنهم الأولى بأحقاف الرمل بين اليمن وعمان الى حضرموت والشحر. وكان أبوهم عاد فيما يقال أول من ملك من العرب، وطال عمره وكثر ولده، وفي التواريخ ولد له أربعة آلاف ولد ذكر لصلبه، وتزوج ألف امرأة وعاش ألف سنة ومائتي سنة. وقال البيهقي: إنه عاش ثلاثمائة سنة، وملك بعده بنوه الثلاثة شديد وبعده شداد وبعده إرم. وذكر المسعودي: إن الّذي ملك من بعد عاد وشدّاد منهم هو الّذي سار في المالك واستولى على كثير من بلاد الشام والهند والعراق. وقال الزمخشريّ: إن شدّاد هو الّذي بنى مدينة إرم في صحارى عدن، وشيدها بصخور الذهب وأساطين الياقوت والزبرجد، يحاكي بها الجنة لما سمع وصفها طغيانا منه وعتوّا. ويقال: إن باني إرم هذه هو إرم بن عاد.
وذكر ابن سعيد عن البيهقيّ: أن باني ارم هو ارم بن شداد بن عاد الأكبر، والصحيح أنه ليس هناك مدينة اسمها إرم وإنما هذا من خرافات القصاص وإنما ينقله ضعفاء المفسرين. وإرم المذكورة في قوله تعالى:«إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ٨٩: ٧» القبيلة لا البلد.
وذكر المسعودي أنّ ملك عوص كان ثلاثمائة وأن الّذي ملك من بعده ابنه عاد بن عوص، وان جيرون بن سعد بن عاد كان من ملوكهم، وأنه الّذي اختط مدينة دمشق ومصرها، وجمع عمد الرخام والمرمر إليها وسماها إرم. ومن أبواب مدينة دمشق الى هذا العهد باب جيرون، وذكره الشعراء في معاهدها قال الشاعر:
النخل فالقصر فالحماء بينهما ... أشهى إلى القلب من أبواب جيرون
وهذا البيت في الصوت الأوّل من كتاب الأغاني. وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق جيرون ويزيد أخوان هما ابنا سعد بن لقمان بن عاد، وبهما عرف باب جيرون ونهر يزيد. والصحيح أن باب جيرون إنما سمي باسم مولى من موالي سليمان عليه السلام في دولة بني إسرائيل، جيرون كان ظاهرا في دولتهم.
وذكر ابن سعيد في أخبار القبط: أن شدّاد بن بداد بن هداد بن شدّاد بن عاد