للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموحدين، وغلبوا على ضواحي الزاب وواركلا. وأقطعتهم إيّاها الدول بعد ذلك فصارت في أقطاعهم. ثم عقد صاحب بجاية بعد ذلك على العمل كلّه لمنصور بن مزني واستقرّ في عقبه. فربما يسيمون بعض الأحيان أهل تلك القصور المغرم للسلطان بما كان من الأمر القديم، ويعسكر عليهم في ذلك كتائب من رجّالة الزاب وخيّالة العرب، ويبرز عليها بأمر الزواودة. ثم يقاسمهم فيما يمتريه منهم. وأكبر هذه الأمصار يسمّى تقّرت، مصر مستبحر العمران بدويّ الأحوال، كثير المياه والنخل، ورياسته في بني يوسف بن عبد الله كانت لعبيد الله بن يوسف، ثم لابنه داود، ثم لأخيه يوسف بن عبيد الله. وتغلّب على واركلا من يد أبي بكر بن موسى أزمان حداثته، وأضافها إلى عمله. ثم هلك وصار أمر تقّرت لأخيه مسعود بن عبيد الله، ثم لابنه حسن بن مسعود، ثم لابنه أحمد بن حسن شيخها لهذا العهد. وبنو يوسف بن عبد الله هؤلاء من ريغة، ويقال إنّهم من سنجاس، وفي أهل تلك الأمصار من مذاهب الخوارج وفرقهم كثير، وأكثرهم على دين العزابية [١] ومنهم النكاريّة، وأقاموا على انتحال هذه الخارجية لبعدهم عن منال الأحكام. ثم بعد مدينة تقّرت بلد تماسين وهي دونها في العمران والخطة ورياسته لبني إبراهيم بن [٢] من ريغة وسائر أمصارهم كذلك، كل مصر منها مستبد بأمره وحرب لجاره.

(وأما لقواط) وهم فخذ من مغراوة أيضا فهم في نواحي الصحراء ما بين الزاب وجبل راشد، ولهم هنالك قصر مشهور بهم، فيه فريق من أعقابهم على سغب من العيش لتوغّله في القفر، وهم مشهورون بالنجدة والامتناع من العرب، وبينهم وبين الدوسن أقصى عمل الزاب مرحلتان، وتختلف قصودهم إليهم لتحصيل المرافق منهم. والله يخلق ما يشاء ويختار.

وأمّا بنو ورا) فهم فخذ من مغراوة أيضا، ويقال من زناتة وهم متشعّبون ومفترقون بنواحي المغرب: منهم بناحية مراكش والسوس ومنهم ببلاد شلف ومنهم بناحية قسنطينة ولم يزالوا على حالهم منذ انقراض زناتة الأوّلين، وهم لهذا العهد أهل مغارم وعسكرة مع الدول، وأكثر الذين كانوا بمراكش قد انتقل رؤساؤهم إلى ناحية شلف نقلهم يوسف بن يعقوب سلطان بني مرين في أوّل هذه المائة الثامنة، لما


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: الغرابة وفي نسخة ثانية: القرابة.
[٢] بياض بالأصل ولم نستطع معرفة اسم والده في المراجع التي بين أيدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>