للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القفر مثل جبل راشد، فإنّهم لبعدهم عن منازل الملك لا يعطون مغرما، إلا أنه غلب عليهم هنالك العمور من بطون الهلاليّين، ونزلوا معهم. وملكوا عليهم أمرهم وصاروا لهم فيئه ومن بني سنجاس من نزل الزاب، وهم لهذا العهد أهل مغارم لمن غلب على ثغورهم من مشايخهم، وأمّا من نزل منهم ببلاد شلف ونواحي قسنطينة فهم لهذا العهد أهل مغارم للدول، وكان دينهم جميعا الخارجية على سنن زناتة في الطبقة الأولى، ومن بقي منهم اليوم بالزاب فعلى ذلك. ومن بني سنجاس هؤلاء بأرض المشيل [١] من جبل بني راشد وطنوا جبلا في جوار غمرة وصاروا عند تغلب الهلاليين في ملكهم يقبضون الإتاوة منهم. ونزل منهم لهذا العهد الصحاري من بطون عروة من زغبة، وغلبوهم على أمرهم وأصاروهم خولا.

(وأما بنو ريغة) فكانوا أحياء متعدّدة ولما افترق أمر زناتة تحيّز منهم إلى جبل عيّاض وما إليه من البسيط إلى نقاوس وأقاموا في قياطينهم، فمن كان بجبل عيّاض منهم أهل مغارم لأمراء عياض يقبضونها للدولة الغالبة ببجاية، وأمّا من كان ببسيط نقاوس فهم في أقطاع العرب لهذا العهد. ونزل أيضا الكثير منهم ما بين قصور الزاب وواركلا، فاختطوا قصورا [٢] كثيرة في عدوة واد ينحدر من المغرب الى المشرق يشتمل على المصر الكبير والقرية المتوسطة، والأطم قد زفّ عليها الشجر ونضدت حفافيها النخيل، وانساحت خلالها المياه، وزهت ينابعها الصحراء، وكثر في قصورها العمران من ريغه هؤلاء، وبهم تعرف لهذا العهد، وهم أكثرها. ومن بني سنجاس وبني يفرن وغيرهم من قبائل زناتة. وتفرّقت جماعتهم للتنازع في الرئاسة فاستقلت كل طائفة منهم بقصور منها أو بواحد. ولقد كانت فيما يقال أكثر من هذا العدد أضعافا وانّ ابن غانية المسوفي حين كان يجلب على بلاد إفريقية والمغرب في فتنته مع الموحدين خرّب عمرانها، واجتثّ شجرها، وغوّر مياهها، ويشهد لذلك آثار العمران بها في أطلال الديار ورسوم البناء وأعجاز النخل المنقعر، وكان هذا العمل يرجع في أوّل الدولة الحفصيّة لعامل الزاب، وكان من الموحّدين، ونزل بسكرة ما بينها وبين مغرة، وكان من أعماله قصور واركلا أيضا. ولما فتك المنتصر بمشيخة الزواودة كما قلناه في أخباره، وقتلوا بعد ذلك عامل الزاب ابن عتوا من مشيخة


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: المشنتل.
[٢] وفي نسخة ثانية: قرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>