للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانهزم، واستولوا على فساطيطه بما فيها من الذخيرة والحرم، وانتهبوا معسكره وتقبّضوا على ولديه الموليين أحمد وعمر، وأشخصوهما إلى تلمسان. وأصيب السلطان في بدنه بجراحات أوهنته، وخلص إلى بونة ناجيا برمقه. وركب السفين منها إلى بجاية، فأقام بها يدمل جراحة، واستولت زناتة على تونس. ودخلها محمد بن أبي عمران وسمّوه باسم السلطان ومقادته في يد يحيى بن موسى أمير زناتة. واعتزم مولانا السلطان أبو يحيى على الوفادة على ملك المغرب السلطان أبي سعيد صريخا على آل يغمراسن. وأشار حاجبه محمد بن سيّد الناس بإنفاذ ابنه الأمير أبي زكريا صاحب الثغر استنكافا له عن مثلها، فتقبّل إشارته وأركب ابنه البحر لذلك. وبعث إليه معه أبا محمد عبد الله بن تاشفين من مشيخة الموحّدين نافضا أمامه طرف المقاصد والمحاورات، ونزلوا بغسّاسة من سواحل المغرب، وقدموا على السلطان أبي سعيد بحضرته، وأبلغوه صريخ مولانا السلطان أبي يحيى، فاهتزّ لذلك هو وابنه الأمير أبو الحسن، وقال لابنه الأمير في ذلك المحفل: يا بني لقد قصدك أكبر أقوامنا وموصلك، وو الله لأبذلنّ في مظاهرتكم مالي وقومي ونفسي، ولأسيرنّ بعساكري إلى تلمسان فأنزلها مع أبيك، فانصرفوا إلى منازلهم مسرورين. وكان فيما شرطه عليهم السلطان أبو سعيد مسير مولانا السلطان أبي يحيى بعساكره إلى منازلة تلمسان معه فقبلوا. ونهض السلطان أبو سعيد إلى تلمسان سنة ثلاثين وسبعمائة ولما انتهوا إلى وادي ملويّة وعسكر بضره، جاءهم الخبر اليقين باستيلاء السلطان أبي يحيى على حضرة تونس وإجهاضه زناتة وسلطانهم عنها. فاستدعى مولانا السلطان الأمير أبا زكريا يحيى ابنه ووزيره أبا محمد عبد الله بن تافراكين وأمرهم بالانصراف إلى صاحبهم وأسنى جوائزهم وحاجاتهم [١] . وركبوا أساطيلهم من غسّاسة وأرسل معهم للخطبة الصهر إبراهيم بن أبي حاتم العزفي والقاضي بحضرته أبي عبد الله بن عبد الرزاق، وانكفأ على عقبه راجعا إلى حضرته. ولما انعقد الصهر بين الأمير أبي الحسن، والسلطان أبي يحيى في ابنته شقيقة الأمير يحيى، زفّها إليهم في أساطيله مع مشيخة من الموحدين، كبيرهم أبو القاسم بن عبّو [٢] . ووصلوا بها إلى موسى غسّاسة سنة إحدى وثلاثين بين يدي مهلك السلطان أبي سعيد، فقاموا لها على أقدام البرّ


[١] وفي النسخة المصرية: وحباءهم.
[٢] وفي النسخة المصرية: بن عقّور.

<<  <  ج: ص:  >  >>