للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمنزلتها وطلب بلاد الموحّدين، وأوطأ عساكره أرضهم، ونازل أمصارهم بجاية وقسنطينة. واختصّ بجاية بشوكته من ذلك، وجهّز العساكر مع مسعود ابن عمّه أبي عامر إبراهيم لمضايقتها. وكان خلال ذلك ما قدّمناه من خروج محمد بن يوسف ابن يغمراسن عليه سنة [١] وقيام بني توجين بأمره، واقتطاع جبل وانشريس من عمالة ملكه.

واستمرّت الحال على ذلك حتى هلك السلطان أبو حمّو سنة ثمان عشرة وسبعمائة وقام بأمرهم ابنه أبو تاشفين عبد الرحمن فصنع له في ابن عمه محمد بن يوسف. ونهض إليه بعساكر بني عبد الواد حتى نازلة بمعتصمه من جبل وانشريش وداخله عمر بن عثمان كبير بني تيغرين في المكر به، فتقبّض عليه وقتله سنة تسع عشرة وسبعمائة وارتحل إلى بجاية حتى احتل بساحتها، وامتنع عليه الحاجب ابن عمر فأقام يوما أو بعضه. ثم انكفأ راجعا إلى تلمسان، وردّد البعوث إلى أوطان بجاية، وابتنى الحصون لتجمير الكتائب، فابتنى بوادي بجاية من أعلاه حصن بكر، ثم حصن تامزردكت. ثم اختط بتيكلات على مرحلة منها بلدا سمّاها تامزيزدكت على اسم المعقل الّذي كان لأوليهم بالجبل قبالة وجدة. وامتنع يغمراسن به على السعيد كما قدّمناه، فاختطّ بلد تيكلات هذه، وشحنها بالأقوات والعساكر، وصيّرها ثغرا لملكه، وأنزل بها جنده.

وعقد عليها لموسى بن علي الكردي كبير دولته، ودولة أبيه [٢] . واستحثّه أمراء الكعوب من بني سليم لملك إفريقية حين مغاضبتهم لمولانا السلطان أبي يحيى اللحياني، وأبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أبي عمران، وأبي إسحاق بن أبي يحيى الشهيد، مرّة بعد أخرى كما ذكرناه في أخبارهم جميعا. وكانت حروبهم سجالا إلى أن كان بين جيوش زناتة والموحدين الزحف المشهور بالرياش من نواحي مرماجنّة سنة تسع وعشرين وسبعمائة زحفت فيه إلى السلطان أبي يحيى عساكر زناتة مع حمزة بن عمر أمير بني كعب. ومن إليه من البدو، وعليهم يحيى بن موسى من صنائع دولة آل يغمراسن. وقد نصبوا للملك محمد بن أبي عمران بن أبي حفص، ومعهم عبد الحق بن عثمان من أعياض بني عبد الحق في بنيه وذويه. وكان نزع إليهم من عند الموحّدين كما ذكرناه، فاختلّ مصاف مولانا السلطان أبي يحيى


[١] بياض بالأصل ولم نستطع تحديد هذه السنة في المراجع التي بين أيدينا.
[٢] وفي نسخة ثانية: لموسى بن علي العزفي كبير دولته ودولة ابنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>