للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى هلاك معاوية. فساروا إلى محمد بن الحنفيّة وبايعوه في السرّ على طلب الخلافة متى أمكنه، وولّى على كل بلد رجلا، وأقاموا على ذلك ومعاوية يكف بسياسة من غربهم، ويقتلع الداء إذا تعيّن له منهم، كما فعل بحجر بن عديّ وأصحابه، ويروّض من شماس أهل البيت ويسامحهم في دعوى تقدّمهم واستحقاقهم. ولا يهيّج أحدا منهم بالتثريب عليه في ذلك، إلى أن مات ووليّ يزيد، وكان من خروج الحسين وقتله ما هو معروف، فكانت من أشنع الوقائع في الإسلام. عظمت بها الشحناء، وتوغّل الشيعة في شأنهم، وعظم النكير والطعن على من تولّى ذلك أو قعد عنه ثم تلاوموا على ما أضاعوه من أمر الحسين وأنهم دعوه ثم لم ينصروه فندموا ورأوا أن لا كفّارة في ذلك إلا الاستماتة دون ثأره، وسمّوا أنفسهم التوّابين. وخرجوا لذلك يقدمهم سليمان بن صرد الخزاعيّ، ومعه جماعة من خيار أصحاب عليّ. وكان ابن زياد قد انتقض عليه العراق ولحق بالشام وجمع وزرينج [١] قاصدا العراق فزحفوا إليه وقاتلوه حتى قتل سليمان وكثير من أصحابه كما ذكرنا في خبره وذلك سنة خمس وستين. ثم خرج المختار بن أبي عبيد ودعا لمحمد بن الحنفية كما قدّمناه في خبره، وفشا التعصّب لأهل البيت في الخاصة والعامة بما خرج عن حدود الحق، واختلفت مذاهب الشيعة فيمن هو أحق بالأمر من أهل البيت، وبايعت كل طائفة لصاحبها سرّا ورسخ الملك لبني أمية وطوى هؤلاء الشيعة قلوبهم على عقائدهم فيها، وتستّروا بها مع تعدّد فرقهم وكثرة اختلافهم كما ذكرناه عند نقل مذاهبهم في فصل الإمامة من الكتاب الأوّل. ونشأ زيد بن عليّ بن الحسين وقرأ على واصل بن عطاء إمام المعتزلة في وقته، وكان واصل متردّدا في إصابة عليّ في حرب صفين والجمل، فنقل ذلك عنه وكان أخوه محمد الباقر يعذله في الأخذ عمن يرى سخطيّة جدّه، وكان زيد أيضا مع قوله بأفضلية عليّ على أصحابه، يرى أنّ بيعة الشيخين صحيحة وأنّ إقامة المفضول جائزة خلاف ما عليه الشيعة. ويرى أنهما لم يظلما عليّا. ثم دعته الحال إلى الخروج بالكوفة سنة إحدى وعشرين ومائة، واجتمع له عامّة الشيعة ورجع عنه بعضهم لما سمعوه يثني على الشيخين وأنهما لم يظلما عليّا. وقالوا: لم يظلمك هؤلاء ورفضوا دعوته فسمّوا الرافضة من أجل ذلك. ثم قاتل يوسف بن عمر


[١] العبارة مبتورة وغير واضحة وفي الكامل ج ٤ ص ١٦٤: «وكان مروان قد سيّر ابن زياد إلى الجزيرة، ثم إذا فرغ منها سار الى العراق» .

<<  <  ج: ص:  >  >>