كل سنة وحربه معهم سجالا، والطاغية يلتقم الثغور والقواعد. ثم استولى ابن هود على الجزيرة الخضراء وجبل الفتح فرضتي المجاز على سبتة من يد السيد أبي عمران موسى لما انتقض على أخيه المأمون، ونازلة بسبتة فبايع هو لابن هود وأمكنه منها. ثم ثار بها اليناشتّي على ما يذكر. ثم بويع للسلطان محمد بن يوسف بن نصر سنة تسع وعشرين بأرجونة ودخلت قرطبة في طاعته، ثم قرمونة ثم انتقض أهل إشبيلية وأخرجوا سالم بن هود وبايعوا لابن مروان أحمد بن محمد الباجي وجهّز عسكرا للقاء ابن الأحمر فانهزموا وأسر قائده. ثم أصفق الباجي مع ابن الأحمر على فتنة ابن هود وصالح ابن هود ألفنش على فعلتهم على ألف دينار كل يوم. ثم صارت قرطبة إلى ابن هود وزحف إلى الباجي وابن الأحمر فانهزم، ونزل ابن الأحمر ظاهر إشبيلية. ثم غدر الباجي فقتله وتولّى ذلك صهره أشقيلولة، وزحف سالم بن هود إلى إشبيلية فنازلها وامتنعت عليه. ووصل خطاب الخليفة المستنصر العبّاسي إلى ابن هود من بغداد سنة إحدى وثلاثين، وفد به أبو علي حسن بن علي بن حسن بن الحسين الكرديّ الملقّب بالكمال. وجاء بالراية والخلع والعهد ولقبه المتوكل. وقدم عليه بذلك في غرناطة في يوم مشهود، وبايع له ابن الأحمر، وعند ما غدر ابن الأحمر بالباجي فرّ من إشبيلية شعيب بن محمد إلى البلد فاعتصم بها، وتسمّى المعتصم فحاصره ابن هود وأخذها من يده. ثم خرج العدوّ من كل جهة ونازلوا ثغور المسلمين وأحاطوا بهم، وانتهت محلاتهم على الثغور إلى سبع. ثم حاصر الطاغية مدينة قرطبة وغلب عليها سنة ثلاث وثلاثين وبايع أهل إشبيلية للرشيد من بني عبد المؤمن، ثم زحف ابن الأحمر إلى غرناطة وملكها كما يذكر، وبويع للرشيد سنة سبع وثلاثين.
وكان عبد الله أبو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الملك الأموي الرميمي وزير ابن هود، وكان يدعوه ذا الوزارتين ولّاه المريّة من عمله، فلم يزل بها وقدم عليه المتوكل سنة خمس وثلاثين وستمائة فهلك بالحمام ودفن بمرسية. ويقال إنه قتله ثم استبدّ من بعده المؤيّد، واستنزله عنها ابن الأحمر سنة ثلاث وأربعين. ولما هلك المتوكّل ولي من بعده بمرسية ابنه أبو بكر محمد بعهده إليه وتلقّب بالواثق، وثار عليه عزيز بن عبد الملك بن خطاب سنة ست وثلاثين لأشهر من ولايته فاعتقله، وكان يلقّب ضياء الدولة. ثم تغلّب زيّان بن مردنيش على مرسية وقتل ابن خطاب لأشهر من ولايته.
وأطلق الواثق بن هود من اعتقاله. ثم ثار عليه بمدينة مرسية محمد بن هود عمّ