للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزيد ثم أبو عبيدة ثم خالد على الخيول عليهم الديباج والحرير فنزل ورماهم بالحجارة، وقال: أتستقبلوني [١] في هذا الزي؟ وإنما شبعتم منذ سنتين والله لو كان على رأس الماءين لاستبدلت بكم فقالوا: إنها بلاد ثمن. وإن علينا السلاح، فسكت ودخل الجابية. وجاءه أهل بيت المقدس وقد هرب أرطبون عنهم إلى مصر، فصالحوه على الجزية وفتحوها له وكذلك أهل الرملة. وولى علقمة بن حكيم على نصف فلسطين وأسكنه الرملة، وعلقمة بن مجزز على النصف الآخر وأسكنه بيت المقدس، وضم عمرا وشرحبيل إليه فلقياه بالجابية. وركب عمر إلى بيت المقدس فدخلها وكشف عن الصخرة وأمر ببناء المسجد عليها وذلك سنة خمس عشرة وقيل سنة ست عشرة. ولحق أرطبون بمصر مع من أبى الصلح من الروم حتى هلك في فتح مصر، وقيل إنما لحق بالروم وهلك في بعض الصوائف. ثم فرّق عمر العطاء ودون الدواوين سنة خمس عشرة ورتب ذلك على السابقة.

ولما أعطى صفوان بن أمية والحرث بن هشام وسهيل بن عمرو أقل من غيرهم قالوا:

لا والله لا يكون أحد أكرم منا. فقال: إنما أعطيت على سابقة الإسلام لا على الأحساب. قالوا فنعم إذا. وخرجوا إلى الشام فلم يزالوا مجاهدين وحتى أصيبوا.

ولما وضع عمر الدواوين قال له عليّ وعبد الرحمن ابدأ بنفسك، قال لا بل بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الأقرب فالأقرب، ورتب ذلك على مراتب ففرض خمسة آلاف ثم أربعة ثم ثلاثة ثم ألفين وخمسمائة ثم ألفين ثم ألفا واحدا ثم خمسمائة ثم ثلاثمائة ثم مائتين وخمسين ثم مائتين، وأعطى نساء النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف لكل واحدة وفضل عائشة بألفين، وجعل النساء على ما رتب فلأهل بدر خمسمائة ثم أربعمائة ثم ثلاثمائة ثم مائتين، والصبيان مائة مائة والمساكين جريبين [٢] في الشهر، ولم يترك في بيت المال شيئا. وسئل في ذلك فأبى وقال: هي فتنة لمن بعدي. وسأل الصحابة في قوته من بيت المال، فأذنوا له وسألوه في الزيادة على لسان حفصة ابنته متكتمين عنه، فغضب وامتنع، وسألها عن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيشه وملبسه وفراشه فأخبرته بالكفاف من ذلك، فقال والله لأضعن الفضول مواضعها ولأتبلغن بالترجية وإنما مثلي ومثل صاحبي كثلاثة سلكوا طريقا


[١] الأصح ان يقول: تستقبلوني.
[٢] وفي نسخة ثانية: جرايتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>