للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها أبو محمد بن تافراكين، ولحق يحيى بن رحو بعسكره فدخل البلد وأمضى فيها أوامر السلطان. ثم دعاه أولاد مهلهل إلى الخروج لمباغتة أولاد أبي الليل وسلطانهم فخرج معهم لذلك، وأقام ابن الأحمر وأهل الأسطول بالبلد في خلال ذلك جاهر يعقوب بن علي بالخلاف لما تبيّن من نكر السلطان أبي عنّان وإرهاف حدّه للعرب، ومطالبتهم بالرهن، وقبض أيديهم عن الأتاوات ومسح أعطافه بالمدراة فلم يقبلها، فلحق يعقوب بالرمل، واتّبعه السلطان فأعجزه فعدا على قصوره ومنازله بالبلد والصحراء فخرّبها وانتسفها.

ثم رجع إلى قسنطينة وارتحل منها يريد إفريقية وقد نهض المولى أبو إسحاق بمن معه من العرب للقائه، وانتهوا إلى حصن سبتة. ثم تمشّت رجالات بني مرين وائتمروا في الرجوع عنه حذرا أن يصيبهم بإفريقية ما أصابهم من قبل، فانفضّوا متسلّلين إلى المغرب. ولما خفّ المعسكر من أهله أقصر عن القدوم إلى إفريقية فرجع إلى المغرب بمن بقي معه، واتبع العرب آثاره، وبلغ الخبر إلى أبي محمد بن تافراكين بمكان منجاته من المهديّة فسار إلى تونس. ولما أطلّ عليها ثار أهل البلد بمن كان عندهم من عسكر بني مرين وعمّالهم، فنجوا إلى الأسطول ودخل أبو محمد بن تافراكين إلى الحضرة وأعاد ما طمس من الدولة. ولحق به السلطان أبو إسحاق بعد أن تقدّم الأمير أبو زيد في عسكر الجنود والعرب لاتباع آثار بني مرين ومنازلة قسنطينة، فاتبعهم إلى تخوم عملهم ورجع أبو زيد إلى قسنطينة وقاتلها أياما فامتنعت عليه فانكفأ راجعا إلى الحضرة. ولم يزل مقيما بها إلى أن هلك عفا الله عنه وعنا آمين سنة [١] وكان أخوه يحيى بن زكريا قد لحق بتونس من قبل صريخا كما قلناه، فلما بلغهم أنّ قسنطينة قد أحيط بها تمسّكوا به فلحق به الفلّ من مواليهم وصنائعهم فكانوا معه إلى أن يسّر الله أسباب الخير والسعادة للمسلمين، وأعاد السلطان أبا العبّاس إلى الأمر من بعد مهلك أبي عنّان كما يذكر ومدّ إيالته على الخلق فطلع على الرعايا بالعدل والأمان وشمول العافية والإحسان، وكفّ أيدي العدوان ورفع الناس والدولة في ظلّ ظليل ومرعى جميل كما نذكر إن شاء الله.


[١] بياض بالأصل ولم نستطع تحديد سنة وفاته في المراجع التي بين أيدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>