للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرب غمروا في تلك الجبال فسمّوا غمارة، وهو مذهب عاميّ، وهم شعوب وقبائل أكثر من أن تحصر. والبطون المشهورة منهم بنو حميد ومثيوه وبنو فال وأغصاوه، وبنو وزروال ومجكسة، وهم آخر مواطنهم يعتمرون رحاب [١] الريف بساحل بحر الدر من عن يمين بسائط المغرب، من لدن غساسة فتكرّر [٢] فبادس فتبكيساس فتيطّاوين فسبتة فالقصر الى طنجة خمس مراحل أو أزيد، أوطنوا منها جبالا شاهقة اتصل بعضها ببعض سياجا بعد سياج خمس مراحل أخرى في العرض إلى أن يتخطّى بسائط قصر كتامة ووادي ورغة من بسائط المغرب، ترتدّ عنها الأبصار وتنزل في حافاتها الطيور لا بل الهوام وينفسح في رءوسها وبين قننها الفجاج، سبل السفر ومراتع السائمة وفدن الزراعة وادواح الرياض.

ويتبين لك أنهم من المصامدة بقاء هذا النسب المحيط سمة لبعض شعوبهم يعرفون بمصمودة ساكنين ما بين سبتة وطنجة، وإليهم ينسب قصر المجاز الّذي يعبر منه الخليج البحري إلى بلد طريف، ويعضده أيضا اتصال مواطنهم بمواطن برغواطة من شعوب المصامدة بريف البحر الغربي وهو المحيط، إذ كان بنو حسّان منهم موطنين بذلك الساحل من لدن آزغر وأصيلا إلى أنفى، من هنالك تتصل بهم مواطن برغواطة ودوكالة إلى قبائل درن من المصامدة فما وراءها من بلاد القبلة.

فالمصامدة هم أهل الجبال بالمغرب الأقصى إلّا قليلا منها وغيرهم في البسائط. ولم تزل غمارة هؤلاء بمواطنهم هذه من لدن الفتح، ولم يعلم ما قبل ذلك.

وللمسلمين فيهم أزمان الفتح وقائع الملاحم وأعظمها لموسى بن نصير وهو الّذي حملهم على الإسلام واسترهن أبناءهم وأنزل منهم عسكرا مع طارق بطنجة. وكان أميرهم لذلك العهد يليان وهو الّذي وفد عليه موسى بن نصير وأعانه في غزو الأندلس، وكان منزله سبتة كما نذكره، وذلك قبل استحواء تاتكور [٣] وكانت في غمارة هؤلاء بعد الإسلام دول قاموا بها لغيرهم وكان فيهم متنبئون، ولم تزل الخوارج تقصد جبالهم للمنعة فيها، كما نذكره إن شاء الله تعالى [٤] .


[١] وفي نسخة ثانية: جبال الريف بساحل البحر الرومي.
[٢] وفي نسخة ثانية: فتكوّر.
[٣] وفي نسخة أخرى نكور.
[٤] كانت مواطن غمارة تمتد على ساحل البحر المتوسط من حد بلاد الريف الى المحيط الأطلسي، ثم تمتد على

<<  <  ج: ص:  >  >>