الّذي هو فرض على القائم بأمور المسلمين يعيّن لذلك من يراه أهلا له فيتعيّن فرضه عليه ويتّخذ الأعوان على ذلك ويبحث عن المنكرات ويعزّر ويؤدّب على قدرها ويحمل النّاس على المصالح العامّة في المدينة مثل المنع من المضايقة في الطّرقات ومنع الحمّالين وأهل السّفن من الإكثار في الحمل والحكم على أهل المباني المتداعية للسّقوط بهدمها وإزالة ما يتوقّع من ضررها على السّابلة والضّرب على أيدي المعلّمين في المكاتب وغيرها في الإبلاغ في ضربهم للصّبيان المتعلّمين ولا يتوقّف حكمه على تنازع أو استعداء بل له النّظر والحكم فيما يصل إلى علمه من ذلك ويرفع إليه وليس له إمضاء الحكم في الدّعاوي مطلقا بل فيما يتعلّق بالغشّ والتّدليس في المعايش وغيرها في المكاييل والموازين وله أيضا حمل المماطلين على الإنصاف وأمثال ذلك ممّا ليس فيه سماع بيّنة ولا إنفاذ حكم وكأنّها أحكام ينزّه القاضي عنها لعمومها وسهولة أغراضها فتدفع إلى صاحب هذه الوظيفة ليقوم بها فوضعها على ذلك أن تكون خادمة لمنصب القضاء وقد كانت في كثير من الدّول الإسلاميّة مثل العبيديّين بمصر والمغرب والأمويّين بالأندلس داخلة في عموم ولاية القاضي يولّي فيها باختياره ثمّ لمّا انفردت وظيفة السّلطان عن الخلافة وصار نظره عامّا في أمور السياسة اندرجت في وظائف الملك وأفردت بالولاية.
وأمّا السّكّة فهي النّظر في النّقود المتعامل بها بين النّاس وحفظها ممّا يداخلها من الغشّ أو النّقص إن كان يتعامل بها عددا أو ما يتعلّق بذلك ويوصل إليه من جميع الاعتبارات ثمّ في وضع علامة السّلطان على تلك النّقود بالاستجادة والخلوص برسم تلك العلامة فيها من خاتم حديد اتّخذ لذلك ونقش فيه نقوش خاصّة به فيوضع على الدّينار بعد أن يقدّر ويضرب عليه بالمطرقة حتّى ترسم فيه تلك النّقوش وتكون علامة على جودته بحسب الغاية الّتي وقف عندها السّبك والتّخليص في متعارف أهل القطر ومذاهب الدّولة الحاكمة فإنّ السّبك والتّخليص