الرحمن بن يحيى بن يغمراسن، لما تقبّض عليه مع عمه أبي ثابت ووزيرهم يحيى بن داود بجاية من أعمال الموحّدين، وسيقوا إلى السلطان أبي عنّان، فقتل أبا ثابت ووزيره واستبقى محمدا هذا وأودعه السجن سائر أيامه، حتى إذا هلك واستوسق أمر المغرب لأخيه أبي سالم من بعد خطوب وأهوال يأتي ذكرها، امتنّ عليه السلطان أبو سالم وأطلقه من الاعتقال ونظمه بمجلس ملكه في مراتب الأعياص وأعدّه لمزاحمة ابن عمه. وجرت بينه وبين السلطان أبي حمو سنة اثنتين وستين وسبعمائة بين يدي مهلكه نكراء بعد مرجعه من تلمسان، ومرجع أبي زيّان حافد السلطان أبي تاشفين من بعده، تحقق السعي فيما نصبه له، فسما له أمل في أبي زيّان هذا أن يستأثر بملك أبيه، ورأى أن يحسن الصنيع فيه فيكون فيئة له، فأعطاه الآلة ونصبه للملك، وبعثه إلى وطن تلمسان، وأتى إلى تازى ولحقه هنالك الخبر بمهلك السلطان أبي سالم. ثم كانت فتن وأحداث نذكرها في محلّها وأجلب عبد الحليم ابن السلطان أبي علي ابن السلطان أبي سعيد بن يعقوب بن عبد الحق على فاس، واجتمع إليه بنو مرين ونازلوا البلد الجديد. ثم انفضّ جمعهم ولحق عبد الحليم بتازى كما نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى. ورجا من السلطان أبي حمّو المظاهرة على أمره فراسله في ذلك واشترط عليه كبح ابن عمه أبي زيّان فاعتقله مرضاة له، ثم ارتحل إلى سجلماسة كما نذكره بعد ونازلة في طريقه أولاد حسين من المعقل بحللهم وأحيائهم فاستغفل أبو زيان ذات يوم الموكّلين به، ووثب على فرس قائم حذاءه وركضه من معسكر عبد الحليم إلى حلّة أولاد حسين مستجيرا بهم، فأجاروه. ولحق ببني عامر على حين غفلة، وجفوة كانت بين السلطان أبي حمو وبين خالد بن عامر أميرهم ذهب لها مغاضبا، فأجلب به على تلمسان. وسرّح إليهم السلطان أبو حمو عسكرا فشرّدهم عن تلمسان. ثم بذل المال لخالد بن عامر على أن يقصيه إلى بلاد رياح، ففعل وأوصله إلى الزواودة فأقام فيهم. ثم دعاه أبو الليل بن موسى شيخ بني يزيد وصاحب وطن حمزة وبني حسن وما إليه، ونصبه للأمر مشاقة [١] وعنادا للسلطان أبي حمو. ونهض إليه الوزير عبد الله بن مسلم في عساكر بني عبد الواد وحشود العرب وزناتة فأيقن أبو الليل بالغلب