للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأساء ابن جعفر السيرة، وتحامل على صقلّيّة ومال إلى أهل إفريقية. وضج الناس وشكوا أمرهم إلى المعز صاحب القيروان، وأظهروا دعوته، فبعث الأسطول فيه ثلاثمائة فارس مع ولديه عبد الله وأيوب، واجتمع أهل صقلّيّة وحصروا أميرهم الأكحل، وقتل وحمل رأسه إلى المعز سنة سبع عشرة وأربعمائة. ثم ندم أهل صقلّيّة على ما فعلوه وثاروا بأهل إفريقية، وقتلوا منهم نحوا من ثلاثمائة وأخرجوهم. وولوا الصمصام أخا الأكحل فاضطربت الأمور، وغلب السفلة على الأشراف. ثم ثار أهل بليرم على الصمصام وأخرجوه، وقدموا عليهم ابن الثمنة من رءوس الأجناد، وتلقب القادر باللَّه واستبد بمازر ابنه عبد الله قبل الصمصام، وغلب ابن الثمنة على ابن الأكحل فقتله واستقل بملك الجزيرة إلى أن أخذت من يده. ولما استبد ابن الثمنة بصقلية تزوج ميمونة بنت الجراس، فتخيل له منها شيء فسقاها السم. ثم تلافاها وأحضر الأطباء فأنعشوها، وأفاقت فندم واعتذر فأظهرت له القبول، واستأذنته في زيارة أخيها بقصريانة، وأخبرت أخاها فحلف أن لا يردّها، ووقعت الفتنة. وحشد ابن الثمنة فهزمه ابن جراس فانتصر ابن الثمنة بالروم. وجاء القمص وجاز ابن ينقر بن خبرة ومعه سبعة من إخوته وجمع من الإفرنج، ووعدهم بملك صقلّيّة فداخل في بيع مية. وقصد قصريانة وحكموا على مروا من المنازل، وخرج ابن جراس فهزمه ورجع إلى إفريقية عمر بن خلف بن مكي فنزل، وولي قضاءها. ولم يزل الروم يملكونها حتى لم يبق إلا المعاقل. وخرج ابن الجراس بأهله وماله صلحا سنة أربع وستين وأربعمائة. وتملكها رجار كلها وانقطعت كلمة الإسلام منها ودولة الكلبيين وهم عشرة ومدّتهم خمس وتسعون سنة. ومات رجار في قلعة مليطو من أرض قلورية سنة أربع وتسعين، وولي ابنه رجار الثاني وطالت أيامه. وله ألف الشريف أبو عبد الله الإدريسي كتاب نزهة المشارق في أخبار الآفاق [١] وسماه قصار رجار علما عليه معروفا به في الشهرة والله مقدر الليل والنهار.


[١] هو كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، صنفه لريشار الثاني صاحب صقلّيّة. قسم منه فيه صفة المغرب وأرض السودان ومصر والأندلس ومعه مقدمة وترجمة وفهرس الأسماء وشرح الكلمات الاصطلاحية الموجودة فيه وكلها باللغة الفرنسية باعتناء الاستاذين دوزي ودي غويه. وسمي الكتاب صفة المغرب والسودان (معجم المطبوعات العربية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>