للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيس [١] ، وكان ظئره [٢] منهم الحارث بن عبد العزى وقد مرّ ذكرهما في بني عامر بن صعصعة، وكان أهله يتوسمون فيه علامات الخير والكرامات من الله، ولما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شق الملكين بطنه واستخراج العلقة السوداء من قلبه وغسلهم حشاه وقلبه بالثلج ما كان، وذلك لرابعة من مولده، وهو خلف البيوت يرعى الغنم فرجع إلى البيت منتقع [٣] اللون، وظهرت حليمة على شأنه فخافت أن يكون أصابه شيء من اللمم [٤] فرجعته إلى أمه. واسترابت آمنة برجعها إياه بعد حرصها على كفالته فأخبرتها الخبر، فقالت: كلّا والله لست أخشى عليه. وذكرت من دلائل كرامة الله له وبه كثيرا.

وأزارته أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة أخوال جدّه عبد المطلب من بني عديّ بن النجار بالمدينة، وكانوا أخوالا لها أيضا. وهلك عبد المطلب لثمان سنين من ولادته، وعهد به إلى ابنه أبي طالب فأحسن ولايته وكفالته، وكان شأنه في رضاعه وشبابه ومرباه عجبا. وتولّى حفظه وكلاءته من مفارقة أحوال الجاهلية، وعصمته من التلبس بشيء منها حتى لقد ثبت أنه: مرّ بعرس مع شباب قريش، فلمّا دخل على القوم أصابه غشي النوم، فما أفاق حتى طلعت الشمس وافترقوا. ووقع له ذلك أكثر من مرّة. وحمل الحجارة مع عمه العبّاس لبنيان الكعبة وهما صبيان، فأشار عليه العبّاس بحملها في إزاره، فوضعه على عاتقه وحمل الحجارة فيه وانكشف، فلما حملها على عاتقه سقط مغشيا عليه، ثم عاد فسقط فاشتمل إزاره وحمل الحجارة كما كان يحملها. وكانت بركاته تظهر بقومه وأهل بيته ورضعائه في شئونهم كلها.

وحمله عمه أبو طالب الى الشام وهو ابن ثلاث عشرة وقيل ابن سبع عشرة، فمرّوا ببحيرا الراهب عند بصرى فعاين الغمامة تظله والشجر [٥] تسجد له، فدعا القوم وأخبرهم بنبوّته وبكثير من شأنه في قصة مشهورة. ثم خرج ثانية الى الشام تاجرا بمال خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى مع غلامها ميسرة ومروا بنسطور الراهب، فرأى ملكين يظلّانه من الشمس فأخبر ميسرة بشأنه، فأخبر بذلك خديجة فعرضت


[١] وفي النسخة الباريسية: قصيّة بن نصر.
[٢] ظأر المرأة على ولد غيرها: عطفها عليه- ظأرت المرأة: اتخذت ولدا ترضعه (قاموس) .
[٣] وفي نسخة ثانية: ممتقع اللون.
[٤] اللمم: الجنون (قاموس) .
[٥] وفي النسخة الباريسية: والحجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>