بجاية في العساكر إلى إفريقية، وملك عامّة أمصارها، فتغلّب على تونس وأخرج أحمد بن عبد العزيز صاحبها ونقله إلى بجاية بأهله وولده.
وولّى على تونس كرامة بن المنصور عمّ يحيى بن العزيز فبقي واليا عليها إلى أن مات، وولي عليها بعده أخوه أبو الفتوح بن المنصور إلى أن مات، وولي مكانه ابن ابنه محمد وساءت سيرته فعزل، وولي مكانه عمّه معدّ بن المنصور إلى أن استولى النصارى على المهديّة وسواحلها ما بين سوسة وصفاقس وطرابلس سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، وصارت لصاحب صقلّيّة، وأخرج الحسن بن علي كما هو مذكور، فأخذ أهل تونس في الاستعداد والحذر. واستأسدوا لذلك على واليهم، وانتشر بغاتهم وربما ثاروا بعض الأيام عليه فقتلوا عبيده بمرأى منه، واعتدوا عليه في خاصّته. فبعث عنه أخوه يحيى من بجاية فركب البحر في الأسطول، وترك نائبة العزيز بن دامال [١] من وجوه صنهاجة، فأقام بينهم وهم مستبدّون عليه، وكان بالمعلقة جوارهم محرز بن زياد أمير بني علي من بطون رياح قد تغلب عليها.
وكانت الحرب بينه وبين أهل تونس سجالا، والتحم؟ بينهما المصاف وكان محرز يستمدّ عساكر صاحب المهديّة على أهل تونس فتأتيه إلى أن غلب النصارى على المهديّة، وحدثت الفتنة بينهم بالبلد فكان المصاف بين أهل باب السويقة وأهل باب الجزيرة، وكانوا يرجعون في أمورهم إلى القاضي عبد المنعم ابن الإمام أبي الحسن.
ولما غلب عبد المؤمن على بجاية وقسنطينة وهم العرب بسطيف ورجع إلى مراكش.
انتهت إليه شكوى الرعايا بإفريقية مما نزل بهم من العرب، فبعث ابنه عبد الله من بجاية إلى إفريقية في عساكر الموحّدين، فنازل تونس سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة وامتنعت عليه. ودخل معهم محرز بن زياد وقومه من العرب، واجتمع جندهم وبرزوا للموحّدين فأوقعوا بهم، وأفرجوا عن تونس، وهلك أميرها عبد الله بن خراسان خلال ذلك. وولي مكانه علي بن أحمد بن عبد العزيز خمسة أشهر، وزحف عبد المؤمن إلى تونس وهو أميرها، فانقادوا لطاعته كما نذكره في أخبار الموحّدين. ورحل علي بن أحمد بن خراسان إلى مراكش بأهله وولده، وهلك في طريقه سنة أربع وخمسين وخمسمائة وأفرج محرز بن زياد عن المعلقة. واجتمعت إليه