للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم كان على عهده وقعة ذي قار لبكر بن وائل ومن معهم من عبس وتميم على الباهوت مسلحة كسرى بالحيرة ومن معه من طيِّئ، وكان سببها أنّ النعمان بن المنذر أودع سلاحه عند هانئ بن مسعود الشيبانيّ وكانت شكّة ألف فارس، وطلبها كسرى منه، فأبى إلّا أن يردّها إلى بيته، فآذنه كسرى بالحرب وآذنوه بها. وبعث كسرى إلى إياس أن يزحف إليه بالمسالح التي كانت ببلاد العرب بأن يوافوا إياسا، واقتتلوا بذي قار وانهزمت الفرس ومن معهم. وفيها قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اليوم انتصف العرب من العجم وبي نصروا أوحى إليه بذلك أو نفث في روعه، قيل إنّ ذلك كان بمكّة وقيل بالمدينة بعد وقعة بدر بأشهر.

وفي أيام أبرويز كانت البعثة لعشرين من ملكه وقيل لاثنتين وثلاثين حكاه الطبريّ، وبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه يدعوه إلى الإسلام، كما تقدّم في أخبار اليمن وكما يأتي في أخبار الهجرة.

ولما طال ملك أبرويز بطر وأشر وخسر الناس في أموالهم وولّى عليهم الظّلمة وضيّق عليهم المعاش وبغّض عليهم ملكه. وقال هشام: جمع أبرويز من المال ما لم يجمعه أحد، وبلغت عساكره القسطنطينية وإفريقية، وكان يشتو بالمدائن ويصيّف بهمدان، وكان له اثنتا عشرة ألف امرأة، وألف فيل وخمسون ألف دابة. وبنى بيوت النيران وأقام فيها اثني عشر ألف هربذ وأحصى جبايته لثمان عشرة سنة من ملكه فكان أربعمائة ألف ألف مكرّرة مرتين وعشرون ألف ألف مثلها فحمل إلى بيت المال بمدينة طبسون، وكانت هنالك أموال أخرى من ضرب فيروز بن يزدجرد منها اثنا عشر ألف بدرة في كل بدرة من الورق مصارفة أربعة آلاف مثقال فتكون جملتها ثمانية وأربعين ألف ألف مثقال مكرّرة مرتين في صنوف من الجواهر والطيوب والأمتعة والآنية لا يحصيها إلا الله تعالى. ثم بلغ من عتوّه واستخفافه بالناس أنه أمر بقتل المقيدين في سجونه وكانوا ستة وثلاثين ألفا، فنقم ذلك عليه أهل الدولة وأطلقوا ابنه شيرويه واسمه قبّاذ وكان محبوسا مع أولاده كلهم لإنذار بعض المنجمين له بأن بعض ولده يغتاله فحبسهم، وأطلق أهل الدولة شيرويه وجمعوا إليه المقيدين الذين أمر بقتلهم، ونهض إلى قصور الملك بمدينة نهر شير فملكها وحبس أبرويز وبعث إلى ابنه شيرويه يعنّفه، فلم يرض ذلك أهل الدولة وحملوه على قتله، وقتل لثمان وثلاثين سنة من ملكه، وجاءته أختاه بوران وأزرميدخت فأسمعتاه وأغلظتا له فيما فعل فبكى

<<  <  ج: ص:  >  >>