للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة من مبدإ الخليقة وعلى عهد حزقيّا بن آحاز ملك بني إسرائيل، ولأربعمائة ونيف من خراب مدينة طروبة. وكان طول مدينة رومة من الشمال إلى الجنوب عشرين ميلا في عرض اثني عشر ميلا، وارتفاع سورها ثمانية وأربعون ذراعا في عرض عشرة أذرع، وكانت من أحفل مدن العالم، ولم تزل دار مملكة اللطينيين والقياصرة منهم حتى صبحهم الإسلام وهي في ملكهم.

وكان اللطينيون بعد روملّس وأماش وانقراض عقبهم قد سئموا ولاية الملوك عليهم فعزلوهم وصار أمرهم شورى بين الوزراء وكانوا يسمونهم القنشلش ومعناه الوزراء بلغتهم، وكان عددهم سبعين على ما ذكر هروشيوش. ولم يزل أمرهم على ذلك مدّة سبعمائة سنة إلى أن استبدّ عليهم قيصر بولش [١] بن غايش أوّل ملوك القياصرة كما نذكر بعد.

وكانت لهم حروب مع الأمم المجاورة لهم من كل جهة فحاربوا اليونانيّين ثم حاربوا الفرس من بعدهم، واستولوا على الشام ومصر ثم ملكوا جزيرة الأندلس ثم جزيرة صقلّيّة ثم أجازوا إلى إفريقية فملكوها وخرّبوا قرطاجنّة، وأجاز أهل إفريقية إليهم وحاصروا رومة واتصلت الفتن بينهم عشرين سنة أو نحوها على ما نذكر.

وذهب جماعة من الأخباريّين إلى أن الروم من ولد عيصو بن إسحاق عليه السلام، قال ابن كريّون: كان لليفاز بن عيصو ولد اسمه صفوا ولما خرج يوسف من مصر ليدفن أباه يعقوب في مدينة الخليل عليه السلام اعترضه بنو عيصو وقاتلوه، فهزمهم وأسر منهم صفوا بن أليفاز وبعثه إلى إفريقية، فصار عند ملكها، واشتهر بالشجاعة.

وحدثت الفتنة بين أغنياس وبين الكيتم وراء البحر فأجاز إليهم أغنياس في أهل إفريقية وأثخن فيهم، وظهرت شجاعة صفوا بن أليفاز، ثم هرب صفوا إلى الكيتم وعظم بينهم وحسن أثره في أهل إفريقية وفي الأمم المجاورة لكيتم من أموال وغيرها فزوّجوه وملّكوه عليهم، قال: وهو أوّل من ملك في بلاد أسبانيا، وأقام ملكا خمسا وخمسين سنة. ثم عدّ ابن كريّون بعد ستة عشر ملكا من أعقابه آخرهم روملّس باني رومة، وكان لعهد داود عليه السلام، وخاف منه فوضع مدينة رومة وبنى على جميعها هياكله ونسبت المدينة إليه وسمّيت باسمه وسمّى أهلها الروم نسبة إليها.


[١] وفي نسخة ثانية: قيصر يوليوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>