للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاملة. وقال هروشيوش: إنّ نيرون قيصر انتقض عليه أهل مملكته فخرج عن طاعته أهل برطانية من أرض الجوف، ورجع أهل أرمينية والشام الى طاعة الفرس. فبعث صهره على أخته وهو يشبشيان بن لوجيه فسار إليهم في العساكر وغلبهم على أمرهم.

ثم زحف الى اليهود بالشام وكانوا قد انتقضوا فحاصرهم بالقدس، وبينما هو في حصاره إذ بلغه موت نيرون لأربع عشرة سنة من ملكه، ثار به جماعة من قوّاده فقتلوه، وكان قد بعث قائدا الى جهة الجوف والأندلس، فافتتح برطانية ورجع إلى رومة بعد مهلك نيرون قيصر فملكه الروم عليهم، وأنه قتل أخاه يشبشيان فأشار عليه أصحابه بالانصراف إلى رومة. وبشّره رئيس اليهود وكان أسيرا عنده بالملك، ويظهر أنه يوسف بن كريّون الّذي مرّ ذكره، فانطلق إلى رومة وخلّف ابنه طيطش على حصار القدس فافتتحها وخرّب مسجدها وعمرانها كما مرّ ذكره. قال: وقتل منهم نحوا من ستمائة ألف ألف [١] مرتين وهلك في حصارها جوعا نحو هذا العدد، وبيع من سراريهم في الآفاق نحو من تسعين ألفا، وحمل منهم إلى رومة نحوا من مائة ألف استبقاهم لفتيان الروم يتعلمون المقاتلة فيهم ضربا بالسيوف وطعنا بالرماح. وهي الجلوة الكبرى كانت لليهود بعد ألف ومائة وستين سنة من بناء بيت المقدس ولخمسة آلاف ومائتين وثلاثين من مبدإ الخليقة ولثمانمائة وعشرين من بناء رومة. فكان معه إلى أن افتتحها وكان المستبد بها بعد مهلك نيرون قيصر، وانقطع ملك آل يولس قيصر لمائة وست عشرة سنة من مبدإ دولتهم، واستقام ملك يشبشيان في جميع ممالك الروم وتسمّى قيصر كما كان من قبل أهـ. كلام هروشيوش.

وقال ابن العميد: إن أسباشيانس لما بلغه وهو محاصر للقدس أنّ نيرون هلك، ذهب بالعساكر الذين معه، وبشّره يوسف بن كريّون كهنون طبرية من اليهود بأنّ مصير ملك القياصرة إليه، ثم بلغه أنّ الروم بعد مهلك نيرون ملّكوا غليان بن قيصر فأقام عليهم تسعة أشهر، وكان رديء السيرة، وقتله بعض خدمه غيلة، وقدّموا عوضه أنّون ثلاثة أشهر ثم خلعوه، وملّكوا أبطالس ثمانية أشهر، فبعث أسباشيانس وهو


[١] انتقد ابن خلدون في مقدمته لهذا التاريخ اخبار المؤرخين الهواهية البعيدة عن المعقول، وهذا العدد الّذي ذكره ابن خلدون بعيد جدا عن المعقول، لأن الستمائة ألف ألف مكررة يعني انها تساوي ١٢٠٠ مليون وهذا رقم خيالي وربما تكون كلمة الألف الثانية مكررة من الناسخ فيكون العدد ستمائة ألف مكررة اي حوالي مليون ومائتي ألف. وهو رقم معقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>