وكان أندريانوس هذا قد بنى مدينة القدس ورجع إليها اليهود وبلغه أنهم يرومون الانتقاض، وأنهم ملكوا عليهم زكريّا من أبناء الملوك، فبعث إليهم العساكر وتتبعهم بالقتل وخرّب المدينة حتى عادت صحراء، وأمر أن لا يسكنها يهودي، وأسكن اليونان بيت المقدس، وكان هذا الخراب لثلاث وخمسين سنة من خراب طيطش الّذي هو الجلوة الكبرى. وامتلأ القدس من اليونان وكانت النصارى يتردّدون إلى موضع القبر والصليب يصلّون فيه، وكانت اليهود يرمون عليه الزبل والكناسات، فمنعهم اليونان من الصلاة فيه وبنوا هنالك هيكلا على اسم الزهرة.
وقال ابن العميد عن المسبحي: وفي الرابعة من ملك أندريانوس بطل الملك من الرّها وتداولتها القضاة من قبل الروم، وبنى أندريانوس بمدينة أثينوس [١] بيتا ورتب فيه جماعة من الحكماء لمدارسة العلوم، قال: وفي خامسة ملكه قدم نسطس بطركا على إسكندرية وكان حكيما فاضلا فلبث إحدى عشرة سنة ثم مات، وقدم مكانه أمانيق في سادسة عشر من ملك أندريانوس فلبث إحدى عشرة سنة وهو سابع البطارقة. ثم مات أندريانوس لإحدى وعشرين من ملكه كما مرّ، وولي ابنه أنطونيش. قال هروشيوش: ويسمّى قيصر الرحيم. وقال ابن العميد: ملك اثنتين وعشرين. وقال الصعيديّون إحدى وعشرين. قال: وفي خامسة ملكه قدم مرتيانو بطركا بإسكندرية وهو الثامن منهم، فلبث تسع سنين ومات، وكان فاضل السيرة.
وقدم بعده كلوتيانو فلبث أربع عشرة سنة، ومات في سابعة ملكه أوراليانوس بعده وكان محبوبا. وقال بطليموس صاحب المجسطي: إنه رصد الاعتدال الخريفيّ في ثالثة ملك أنطونيوس، فكان لأربعمائة وثلاث وستين بعد الإسكندر.
ثم هلك أنطونيوس لاثنتين وعشرين كما مرّ، فملك من بعده أوراليانس. قال هروشيوش: وهو أخو أنطونيوس وسمّاه أورالش وأنطونيوس الأصغر، وقال: كانت له حروب مع أهل فارس وبعد أن غلبوا على أرمينية وسورية من ممالكه فدفعهم عنهما وغلبهم في حروب طويلة، وأصاب الأرض على عهده وباء عظيم، وقحط الناس سنتين، واستسقى لهم النصارى فأمطروا وارتفع الوباء والقحط بعد أن كان اشتدّ على النصارى وقتل منهم خلقا، وهي الشدّة الرابعة من بعدت نيرون.
قال ابن العميد: وفي السابعة من ملكه قدم على الإسكندرية البطرك أغريبوس،