مرّ ذكره آنفا. وإنّما سعى هذا الدين دين النصرانيّة نسبة إلى ناصرة القرية التي كان فيها مسكن عيسى عليه السلام عند ما رجع من مصر مع أمّه. وأمّا نسبه إلى نصران فهو من أبنية المبالغة ومعناه أنّ هذا الدين في غير أهل عصابة فهو دين من ينصره من أتباعه.
ويعرف هؤلاء القياصرة ببني الأصفر وبعض الناس ينسبهم إلى عيصو بن إسحاق وقد أنكر ذلك المحقّقون وأبوه. وقال أبو محمد بن حزم عند ذكر إسرائيل عليه السلام كان لإسحاق عليه السلام ابن آخر غير يعقوب واسمه عيصاب، وكان بنوه يسكنون جبال السراة من الشام إلى الحجاز، وقد بادوا جملة إلّا أن قوما يذكرون أنّ الروم من ولده وهو خطأ وإنما وقع لهم هذا الغلط لأنّ موضعهم كان يقال له أروم فظنّوا أنّ الروم من ذلك الموضع وليس كذلك، لأنّ الروم إنّما نسبوا إلى روملّس باني رومة وربما يحتجون بأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال في غزوة تبوك للحرث بن قيس: هل لك في جلاد بني الأصفر؟ ولا حجة فيه لاحتمال أن يريد بني عيصاب على الحقيقة لأن قصده كان إلى ناحية السراة وهو مسكن بني عيصو (قلت) : مسكن عيصو هؤلاء كان يقال له أيذوم، بالذال المعجمة إلى الظاء أقرب فعرّبتها العرب راء، ومن هنا جاء الغلط والله تعالى أعلم. وهذا الموضع يقال له يسعون أيضا والاسمان في التوراة.
قال ابن العميد: خرج قسطنطين المؤمن على مقسيمانوس فهزمه، ورجع إلى رومة وازدحم العسكر على الجسر فوقع بهم في البحر وغرق مقسمانوس مع من غرق، ودخل قسطنطين رومة وملكها بعد أن أقام ملكا على بيزنطية من بعد أبيه ستا وعشرين سنة، فبسط العدل ورفع الجور. وخرج قائده يسكن ناحية قسطنطينيّة، وولّاه على رومة وأعمالها وألزمه بإكرام النصارى، ثم انتقض عليه وقتل النصارى وعبد الأصنام، وكان فيمن قتل ماريادس بطرك بطارقة، فبعث قسطنطين العساكر إلى رومة لحربه فساقوه أسيرا وقتله.
ثم تنصّر قسطنطين في مدينة نيقيا لاثنتي عشر من ملكه وهدم بيوت الأصنام وبنى الكنائس، ولتاسع عشرة من ملكه كان مجمع الأساقفة بمدينة نيقية ونفى أريوس، كما ذكرنا ذلك كله من قبل وأنّ رئيس هذا المجمع كان إسكندروس بطرك الاسكندرية، وفي الخامسة عشر من رياسته توفي بعد المجمع بخمسة أشهر. وقال ابن بطريق كانت ولاية إسكندروس في الخامسة من ملك قسطنطين وبقي ست عشرة