الملكين ابني أرمانوس اللذين كانا مكفولين له، استوحشت منه وداخلت في قتله ابن الشميشق فقتله سنة ستين. وقام ابن أرمانوس الأكبر وهو بسيل بتدبير ملكه، وجعل ابن الشميشق دمستقا وقام على الأورق أخي نقفور، وعلى ابنه ورديس بن لاون واعتقلهما. وسار إلى الرّها وميافارقين، وعاث في نواحيهما، وصانعه أبو تغلب بن حمدان صاحب الموصل بالمال فرجع. ثم خرج سنة اثنتين وستين، فبعث أبو تغلب ابن عمه أبا عبد الله بن حمدان فهزمه وأسره وأطلقه. وكان لأمّ بسيل أخ قام بوزارتها فتحيّل في قتل ابن الشميشق بالسّمّ.
ثم ولّى بسيل بن أرمانوس سقلاروس دمستقا، فعصى عليه سنة خمس وستين وطلب الملك لنفسه، وغلبه بسيل. ثم خرج على بسيل ورد بن منير من عظماء البطارقة، واستجاش بأبي تغلب بن حمدان وملكوا الأطراف، وهزم عساكر بسيل مرّة بعد مرّة، فأطلق ورديس لاون وهو ابن أخي نقفور من معقلة وبعثه في العساكر لقتاله فهزمه ورديس، ولحق ورد بن منير بميافارقين صريخا بعضد الدولة، وراسله بسيل في شأنه فجنح عضد الدولة إلى بسيل وقبض على ورديس واعتقله ببغداد، ثم أطلقه ابنه صمصام الدولة لخمس سنين من اعتقاله، وشرط عليه إطلاق أسرى المسلمين، والنزول عن حصون عدّة من معاقل الروم، وأن لا يغير على بلاد الإسلام. وسار فاستولى على ملطية ومضى إلى القسطنطينية فحاصرها وقتل ورديس بن لاون، واستنجد بسيل بملك الروم وزوّجه أخته ثم صالح وردا على ما بيده. ثم هلك ورد بعد ذلك بقليل واستولى بسيل على أمره وسار إلى قتال البلغار فهزمهم وملك بلادهم وعاث فيها أربعين سنة. واستمدّه صاحب حلب أبو الفضائل بن سيف الدولة، فلما زحف إليه منجوتكين صاحب دمشق من قبل الخليفة بمصر سنة إحدى وثمانين، فجاء بسيل لمدده وهزمه منجوتكين ورجع مهزوما ورجع منجوتكين الى دمشق، ثم عاود الحصار فجاء بسيل صريخا لأبي الفضائل فأجفل منجوتكين من مكانه على حلب، وسار إلى حمص وشيزر فملكها وحاصر طرابلس، وصالحه ابن مروان على ديار بكر. ثم بعث الدوقس الدمستق إلى أمامه فبعث إليه صاحب مصر أبا عبد الله بن ناصر الدولة بن حمدان في العساكر فهزمه وقتله.
ثم هلك بسيل سنة عشر وأربعمائة لنيّف وسبعين من ملكه وملك بعده أخوه قسطنطين وأقام تسعا ثم هلك عن ثلاث بنات، وفملّك الروم عليهم الكبرى منهنّ وأقام بأمرها