للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمرو فيهم، وتقدّم فبشّرها بالعير وبكثرة ما حمل إليها من الطرف، فخرجت تنظر فأنكرت ما رأته في الجمال من التكارد [١] ، ثم دخلت العير المدينة فلما توسطت أنيخت وخرج الرجال، وبادر عمرو إلى النفق فوقف عنده، ووضع الرجال سيوفهم في أهل البلد. وبادرت الزبّاء إلى النفق فوجدت عمرا قائما عنده فلحمها بالسيف وماتت، وأصاب ما أصاب من المدينة وانكفأ راجعا.

قال الطبري: وعمرو بن عديّ أوّل من اتخذ الحيرة منزلا من ملوك العرب، وأوّل من تجده أهل الحيرة في كتبهم من ملوك العرب بالعراق، وإليه ينسبون وهم ملوك آل نصر. ولم يزل عمرو بن عدي ملكا حتى مات وهو ابن مائة وعشرين سنة مستبدا منفردا يغزوهم ويغنم، وتفد عليه الوفود ولا يدين لملوك الطوائف ولا يدينون له حتى قدم أردشير بن بابك في أهل فارس.

قال الطبري: وإنما ذكرنا في هذا الموضع أمر جذيمة وابن أخته عمرو بن عدي لما قدّمناه عند ذكر ملوك اليمن، وأنهم لم يكن لهم ملك مستفحل وإنما كانوا طوائف على المخاليف يغير كل واحد على صاحبه إذا استغفله، ويرجع خوف الطلب حتى كان عمرو بن عديّ فاتصل له ولعقبه الملك على من كان بنواحي العراق وبادية الحجاز بالعرب، فاستعمله ملوك فارس على ذلك إلى آخر أمرهم. وكان أمر آل نصر هؤلاء ومن كان من ولاة الفرس وعمالهم على العرب معروفا مثبتا عندهم في كنائسهم وأشعارهم.

وقال هشام بن الكلبي: كنت أستخرج أخبار العرب وأنسابهم وأنساب آل نصر بن ربيعة ومبالغ أعمار من ولي منهم لآل كسرى وتاريخ نسبهم من كتبهم بالحيرة. وأمّا ابن إسحاق فذكر في آل نصر ومصيرهم إلى العراق أنّ ذلك كان بسبب الرؤيا التي رآها ربيعة بن نصر وعبرها الكاهنان شقّ وسطيح، وفيها أن الحبشة يغلبون على ملكهم باليمن، قال: فجهّز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خرّزاذ فأسكنهم الحيرة، ومن بقية ربيعة بن نصر كان النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر. وقد يقال إنّ المنذر من أعقاب ساطرون ملك الحضر من تنوخ قضاعة، رواه ابن إسحاق من علماء الكوفة ورواه عن جبير بن مطعم قال: لما أتى عمر رضي الله عنه بسيف النعمان دعا بجبير بن مطعم،


[١] الطرد والمدافعة (قاموس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>