للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب بالشام ويدوّخها، وأقام في ملكه ثلاثين سنة ثم زهد وترك الملك ولبس المسوح وذهب فلم يوجد له أثر.

قال الطبري: وأمّا العلماء بأخبار الفرس فيقولون إنّ الّذي تولّى تربية بهرام هو المنذر بن النعمان بن امرئ القيس، دفعه إليه يزدجرد الأثيم لإشارة كانت عنده فيه من المنجمين، فأحسن تربيته وتأديبه وجاءه بمن يلقنه الخلال من العلوم والآداب والفروسية والنقابة [١] حتى اشتمل على ذلك كله بما رضيه، ثم ردّه إلى أبيه فأقام عنده قليلا ولم يرض بحاله، ووفد على أبيه وافد قيصر وهو أخوه قياودس، فقصده بهرام أن يسأل له من أبيه الرجوع إلى بلاد العرب فرجع، ونزل على المنذر. ثم هلك يزدجرد فاجتمع أهل فارس وولوا عليهم شخصا من ولد أردشير وعدلوا عن بهرام لمرباه بين العرب وخلوة عن آداب العجم، وجهّز المنذر العساكر لبهرام لطلب ملكه، وقدّم ابنه النعمان فحاصر مدينة الملك ثم جاء على أثره بعساكر العرب وبهرام معه فأذعن له فارس وأطاعوه، واستوهب المنذر ذنوبهم من بهرام فعفا عنهم واجتمع أمره. ورجع المنذر إلى بلاده وشغل باللهو وطمع فيه الملوك حوله، وغزاه خاقان ملك الترك في خمسين ألفا من العساكر، وسار إليه بهرام فانتهى إلى أذربيجان ثم إلى أرمينية. ثم ذهب يتصيّد وخلف أخوه نرسي على العساكر فرماه أهل فارس بالجبن وأنه خار عن لقاء الترك، فراسلوا خاقان في الصلح على ما يرضاه فرجع عنهم.

وانتهى الخبر بذلك إلى بهرام فسار في اتباعه وبيته فانفض بعسكره وقتله بيده، واستولى بهرام على ما في العساكر من الأثقال والذراري وظفر بتاج خاقان واكليله وسيفه بما كان فيه من الجواهر واليواقيت، وأسر زوجته، وغلب على ناحية من بلاده فولّى عليها بعض مرازبته وأذن له في الجلوس على سرير الفضة وأغزى ما وراء النهر فدانوا بالجزية، وانصرف إلى أذربيجان فجعل سيف خاقان واكليله معلقا ببيت النار وأخدمه خاتون امرأة خاقان، ورفع الخراج عن الناس ثلاث سنين شكرا للَّه تعالى على النصر، وتصدّق بعشرين ألف ألف درهم مكرّرة مرّتين، وكتب بالخبر إلى النواحي وولّى أخاه نرسي على خراسان واستوزر له بهر نرسي بن بدارة بن فرّخزاد، ووصل الطبريّ نسبه من هنا بعد أربعة فكان رابعهم أشك بن دارا وأغزى بهرام أرض الروم في أربعين ألفا فانتهى إلى القسطنطينية ورجع.


[١] سلوك طرق الجبال (قاموس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>