للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعده الحارث بن أبي شمر وعلى عهده كانت البعثة وكتب له النبي صلى الله عليه وسلم فيمن كتب إليه من ملوك تهامة والحجاز واليمن وبعث إليه شجاع بن وهب الأسدي يدعوه إلى الإسلام ويرغبه في الدين كذا عند ابن إسحاق. وكان النعمان بن المنذر على عهد الحارث بن أبي شمر هذا وكانا يتنازعان في الرئاسة ومذاهب المدح، وكان شعراء العرب تفد عليهما مثل الأعشى وحسّان بن ثابت وغيرهما.

(ومن شعر حسّان) رضي الله تعالى عنه في مدح أبناء جفنة:

للَّه درّ عصابة نادمتهم ... يوما بجلّق في الزمان الأوّل

أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل

يغشون حتى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل

ثم ملك بعد الحارث بن أبي شمرا ابنه النعمان، ثم ملك بعده جبلة بن الأيهم بن جبلة، وجبلة جدّه هو الّذي ملك بعد أخويه شمر والمنذر.

وقال ابن سعيد: أوّل من ملك من غسّان بالشام وأذهب ملك الضجاعم جفنة بن مزيقياء. ونقل عن صاحب تواريخ الأمم: لما ملك جفنة بنى جلّق وهي دمشق وملك خمسا وأربعين سنة، واتصل الملك في بنيه إلى أن كان منهم الحارث الأعرج ابن أبي شمر وأمه مارية ذات القرطين من بني جفنة بنت الهانئ المذكورة في شعر حسّان بأرض البلقاء ومعان. قال ابن قتيبة: وهو الّذي سار إليه المنذر بن ماء السماء من ملوك الحيرة في مائة ألف، فبعث إليه الحارث مائة من قبائل العرب فيهم لبيد الشاعر وهو غلام، فأظهروا أنهم رسل في الصلح حتى إذا أحاطوا برواق المنذر فتكوا به وقتلوا جميع من كان معه في الرواق وركبوا خيولهم، فمنهم من نجا ومنهم من قتل.

وحملت غسّان على عسكر المنذر وقد اختطوا فهزموهم، وكانت حليمة بنت الحارث تحرّض الناس وهم منهزمون على القتال فسمي يوم حليمة [١] ، ويقال إنّ النجوم ظهرت فيه بالنهار من كثرة العجاج. ثم توالى الملك في ولد الحارث الأعرج إلى أن ملك منهم جفنة بن المنذر بن الحارث الأعرج وهو محرق لأنه حرق الحيرة دار ملك آل النعمان، وكان جوّالا في الآفاق وملك ثلاثين سنة. ثم كان ثالثة في الملك النعمان


[١] جاء في «أيام العرب» ان غسان أو شكت على الهزيمة فخرجت حليمة بالعطر على الجنود وأخذت ترشهم به وتحرضهم على قتل المنذر، وتعد القاتل بأنها ستتزوجه فبعث ذلك الحماسة في القلوب، واندفعت غسان في القتال حتى تغلبت على المناذرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>