للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوجها سعيد ابن عمه زيد، وأن خباب بن الأرت عندهما يعلمهما القرآن، فجاء إليهما منكرا وضرب أخته فشجّها، فلما رأت الدم قالت: قد أسلمنا وتابعنا محمدا فافعل ما بدا لك!، وخرج إليه خباب من بعض زوايا البيت فذكّره ووعظه، وحضرته الانابة فقال له: اقرأ عليّ من هذا القرآن، فقرأ من سورة طه وأدركته الخشية فقال له: كيف تصنعون إذا أردتم الإسلام؟ فقالوا له وأروه الطهور. ثم سأل على مكان النبي صلى الله عليه وسلم فدل عليه، فطرقهم في مكانهم، وخرج إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: مالك يا ابن الخطّاب؟ فقال: يا رسول الله جئت مسلما، ثم تشهّد شهادة الحق ودعاهم إلى الصلاة عند الكعبة فخرجوا وصلوا هنالك، واعتز المسلمون بإسلامه. وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه:

اللَّهمّ أعزّ الإسلام بأحد العمرين يعنيه أو أبا جهل. ولما رأت قريش فشوّ الإسلام وظهوره أهمهم ذلك، فاجتمعوا وتعاقدوا على بني هاشم وبني المطلب ألا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم، وكتبوا بذلك صحيفة وضعوها في الكعبة، وانحاز بنو هاشم وبنو المطلب كلهم كافرهم ومؤمنهم فصاروا في شعب أبي طالب محصورين متجنبين، حاشا أبي لهب فإنه كان مع قريش على قومهم، فبقوا كذلك ثلاث سنين لا يصل إليهم شيء ممن أراد صلتهم إلّا سرا ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل على شأنه من الدعاء إلى الله والوحي عليه متتابع. إلى أنّ قام في نقض الصحيفة رجال من قريش كان أحسنهم في ذلك أثرا هشام بن عمرو بن الحرث من بني حسل بن عامر بن لؤيّ، لقي زهير بن أبي أمية بن المغيرة وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب فعيّره بإسلامه أخواله إلى ما هم فيه، فأجاب إلى نقض الصحيفة. ثم مضى إلى مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وذكر رحم هاشم والمطلب ثم الى أبي البختري [١] بن هشام وزمعة بن الأسود فأجابوا كلّهم، وقاموا في نقض الصحيفة، وقد بلغهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ الصحيفة أكلت الأرضة كتابتها كلها حاشا أسماء الله، فقاموا بأجمعهم فوجدوها كما قال، فخزوا ونقض حكمها.

ثم أجمع أبو بكر الهجرة وخرج لذلك فلقيه ابن الدغنة [٢] فردّه، ثم اتصل


[١] البختري بوزن الجعفري، والخاء معجمة على ما في شرح القاموس (قاله نصر) .
[٢] وفي نسخة اخرى: ابن الدغينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>