للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مالك مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم يرى أنه أثبت لموقفهم، فنزلوا بأوطاس، فقال دريد بن الصمة لمالك: ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير ويعار الشاء وبكاء الصغير، فقال: أموال الناس وأبناءهم سقنا معهم ليقاتلوا عنها، فقال راعي ضأن: والله وهل يردّ المنهزم شيء؟ إن كانت لك لم ينفعك إلّا رجل بسلاحه وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك. ثم سأل عن كعب وكلاب وأسف لغيابهم وأنكر على مالك رأيه ذلك، وقال: لم تصنع بتقديم بيضة [١] هوازن إلى نجور الخيل شيئا أرفعهم إلى ممتنع بلادهم، ثم ألق الصبيان على متون الخيل فان كانت لك لحق بك من وراءك وإن كانت لغيرك كنت قد أحرزت [٢] أهلك ومالك. وأبى عليه مالك واتبعه هوازن.

ثم بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي حدرد [٣] الأسلمي يستعلم خبر القوم فجاءه وأطلعه على جليّة الخبر وأنّهم قاصدون إليه، فاستعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية مائة درع وقيل أربعمائة وخرج في اثني عشر ألفا من المسلمين عشرة آلاف الذين صحبوه من المدينة وألفان من مسلمة الفتح، واستعمل على مكّة عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية ومضى لوجهه. وفي جملة من اتبعه عباس بن مرداس، والضحاك بن سفيان الكلابيّ، وجموع من عبس وذبيان، ومزينة وبني أسد. ومرّ في طريقه بشجرة سدر خضراء، وكان لهم في الجاهلية مثلها يطوف بها الأعراب ويعظمونها ويسمّونها ذات أنواط، فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال لهم: قلتم كما قال قوم موسى اجعل لنا آلها كما لهم آلهة، والّذي نفسي بيده لتركبنّ سنن من كان قبلكم واجرم من ذلك [٤] .

ثم نهض حتى أتى وادي حنين من أودية تهامة أوّل يوم [٥] من شوّال من السنة الثامنة وهو وادي حزن [٦] ، فتوسطوه في غبش الصبح وقد كمنت هوازن في جانبيه فحملوا


[١] وفي نسخة أخرى: نقيضه.
[٢] وفي النسخة الباريسية: أجرت.
[٣] وفي نسخة ثانية: أبي حدود.
[٤] وفي نسخة ثانية: وزجرهم عن ذلك.
[٥] قوله أول يوم ولعل الصواب كما في غير هذا الكتاب سادس يوم أهـ. وانتهى الى خيبر عاشره (قاله نصر) .
[٦] وفي النسخة الباريسية: وادي حروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>