صلى الله عليه وسلم. وامتنع الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن أن يراد عليهم ما وقع لهما من الفي وساعدهم قومهم [١] ، وامتنع العبّاس بن مرداس كذلك. وخالف بنو سليم وقالوا: ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فعوّض رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم تطب نفسه عن نصيبه. وردّ عليهم نساءهم وأبناءهم بأجمعهم.
وكان عدد سبي هوازن ستة آلاف بنى ذكر وأنثى فيهنّ الشيما أخت النبيّ صل يا لله عليه وسلم من الرضاعة وهي بنت الحرث بن عبد العزّى من بني سعد بن بكر من هوازن، وأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسن إليها وخيّرها فاختارت قومها فردّها اليهم. وقسم الأموال بين المسلمين، ثم أعطى من نصيبه من خمس الخمس قوما يستألفهم على الإسلام من قريش وغيرهم، فمنهم من أعطاه مائة مائة، ومنهم خمسين خمسين، ومنهم ما بين ذلك، ويسمّون المؤلفة وهم مذكورون في كتب السير يقاربون الأربعين، منهم أبو سفيان وابنه معاوية وحكيم بن حزام وصفوان بن أمية ومالك بن عوف وغيرهم، ومنهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر والأقرع بن حابس وهما من أصحاب المائة، وأعطى عبّاس بن مرداس دونهما، فأنشده أبياته المعروفة يتسخط فيها، فقال اقطعوا عني لسانه فأتموا إليه المائة.
ولمّا أعطى المؤلفة قلوبهم وجد الأنصار في أنفسهم إذ لم يعطهم مثل ذلك وتكلّم شبانهم مع ما كانوا يظنون أنه إذا فتح الله عليه بلده يرجع إلى قومه ويتركهم، فجمعهم ووعظهم وذكّرهم وقال:«إنما أعطي قوما حديثي عهد بالإسلام أتألفهم عليه، أما ترضون أن ينصرف الناس بالشاء والبعير وتنصرفوا برسول الله إلى رحالكم، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الأنصار شعبا وسلك الناس شعبا لسلكت شعب الأنصار» فرضوا وافترقوا.
ثم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة الى مكة، ثم رجع الى المدينة فدخلها لست بقين من ذي القعدة من السنة الثامنة لشهرين ونصف من خروجه، واستعمل على مكة عتاب بن أسيد شابا ينيف عمره على عشرين، وكان غلبه الورع والزهد فأقام الحج بالمسلمين في سنته وهو أوّل أمير أقام حجّ الإسلام المشركون على مشاعرهم. وخلف بمكة معاذ بن جبل يفقه الناس في الدين ويعلمهم القرآن،