للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا له أين ما كنت تعدنا؟ فقال: قاتلوا على أحسابكم. وأتاه وحشي فرماه بحربته فقتل.

واقتحم الناس عليه حديقة الموت من حيطانها وأبوابها فقتل فيها سبعة عشر ألف مقاتل من بني حنيفة، وجاء خالد بمجاعة ووقفه على القتلى ليريه مسيلمة فمرّ بمحكم فقال: هو ذا؟ فقال مجاعة: هذا والله خير منه، ثم أراه مسيلمة رويجل دميم أخينس، فقال خالد: هذا الّذي فعل فيكم ما فعل، فقال مجاعة: قد كان ذلك وإنه والله ما جاءك إلّا سرعان الناس وإنّ جماهيرهم في الحصون فهلم أصالحك على قومي. وقد كان خالد التقط من دون الحصون ما جاء من مال ونساء وصبيان ونادى بالنزول عليها فلما قال له مجاعة ذلك قال له: أصالحك على ما دون النفوس. وانطلق يشاورهم فأفرغ السلاح على النساء ووقفن بالسور ثم رجع إليه وقال أبوا أن يجيزوا يشاورهم فأفرغ السلاح على النساء ووقفن بالسور ثم رجع إليه وقال أبوا أن يجيزوا ذلك، ونظر خالد إلى رءوس الحصون قد اسودّت والمسلمون قد نهكتهم الحرب وقد قتل من الأنصار ما ينيف على الثلاثمائة وستين، ومن المهاجرين مثلها ومن التابعين لهم مثلها أو يزيدون، وقد فشت الجراحات فيمن بقي، فجنح إلى السلم فصالحه على الصفراء والبيضاء، ونصف السبي والحلقة وحائط ومزرعة من كل قرية، فأبوا فصالحهم على الربع فصالحوه. وفتحت الحصون فلم يجد فيها إلّا النساء والصبيان فقال خالد: خدعتني يا مجاعة فقال: قومي ولم أستطع إلّا ما صنعت فعقد له وخيرهم ثلاثا فقال: له سلمة بن عمير لا نقبل صلحا ونعتصم بالحصون ونبعث إلى أهل القرى فالطعام كثير والشتاء قد حضر، فتشاءم مجاعة برأيه وقال لهم لولا أني خدعت القوم ما أجابوا إلى هذا، فخرج معه سبعة من وجوه القوم وصالحوا خالدا وكتب لهم وخرجوا إلى خالد للبيعة والبراءة مما كانوا عليه. وقد أضمر سلمة بن عمير الفتك بخالد فطرده حين وقعت عينه عليه وأطلع أصحابه على غدره فأوثقوه وحبسوه ثم أفلت فاتبعوه وقتلوه. وكان أبو بكر بعث إلى خالد مع سلمة بن وقش إن أظفره الله أن يقتل من جرت عليه الموسى من بني حنيفة، فوجده قد صالحهم فأتم عقده معهم، ووفى لهم وبعث وفدا منهم إلى أبي بكر بإسلامهم فلقيهم وسألهم عن اسجاع مسيلمة فقصّوها عليه، فقال سبحان الله هذا الكلام ما خرج من إلّا ولا برّ فأين يذهب بكم عن أحلامكم وردّهم إلى قومهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>