للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المزاربة في طاعته وعيّن المسالح والجنود لكل ثغر ومنها الحيرة والأبلّة والأنبار وخرجوا إليها من المدائن.

وكتب المثنّى بذلك إلى عمر، وبينما هو ينتظر الجواب انتقض أهل السواد وكفروا وخرج المثنّى إلى ذي قار، ونزل الناس في عسكر واحد. ولمّا وصل كتابه إلى عمر قال: «والله لأضربنّ ملوك العجم بملوك العرب» ، فلم يدع رئيسا ولا ذا رأي وشرف وبسطة ولا خطيبا ولا شاعرا إلّا رماهم به، فرماهم بوجوه الناس، وكتب إلى المثنّى يأمره بخروج المسلمين من بين العجم والتفرّق في المياه بحيالهم، وأن يدعو الفرسان وأهل النجدات من ربيعة ومضر ويحضرهم طوعا وكرها، فنزل المسلمون بالحلة [١] وسروا [٢] إلى عصيّ وهو جبل البصرة متناظرين، وكتب إلى عمّاله على العرب أن يبعثوا إليه من كانت له نجدة أو فرس أو سلاح أو رأي وخرج إلى الحج، فحجّ سنة ثلاث عشرة، ورجع فجاءته أفواجهم إلى المدينة، ومن كان أقرب إلى العراق انضمّ إلى المثنّى، فلمّا اجتمعت عنده إمداد العرب خرج من المدينة واستخلف عليها عليّا وعسكر على صرار من ضواحيها، وبعث على المقدمة طلحة وجعل على المجنبتين عبد الرحمن والزبير وانبهم أمره على الناس، ولم يطق أحد سؤاله، فسأله عثمان. فأحضر الناس واستشارهم في المسير إلى العراق فقال العامة:

سر نحن معك فوافقهم، ثم رجع إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحضر عليّا وطلحة والزبير وعبد الرحمن واستشارهم فأشاروا بمقامه وأن يبعث رجلا بعده آخر من الصحابة بالجنود حتى يفتح الله على المسلمين ويهلك عدوّهم، فقبل ذلك ورأى فيه الصواب. وعين لذلك سعد بن أبي وقّاص وكان على صدقات هوازن فأحضره وولّاه حرب العراق وأوصاه وقال: «يا سعد بن أم سعد لا يغرّنك من الله أن يقال خال رسول الله وصاحب رسول الله فإنّ الله لا يمحو السيء بالسيئ ولكنه يمحو السيء بالحسن وليس بين الله وبين أحد نسب إلّا بطاعته فالناس في دين الله سواء الله ربهم وهم عباده يتفاضلون بالعافية ويدركون ما عنده بالطاعة. فانظر الأمر الّذي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزمه فألزمه وعليك بالصبر» .

ثم سرحه في أربعة آلاف ممن اجتمع إليه فيهم: حميضة بن النعمان بن حميضة على


[١] وفي نسخة اخرى: بالجلّ.
[٢] وفي النسخة الباريسية: وسراق.

<<  <  ج: ص:  >  >>