للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحوادث التي وقعت في الأمصار فمنها قصة الوليد بن عقبة وقد تقدّم ذكرها وأنه عزله على شرب الخمر واستبدله بسعيد بن العاص منه، وكان وجوه الناس وأهل القادسية يسمرون عنده مثل مالك بن كعب الأرحبي والأسود بن يزيد وعلقمة بن قيس من النخع وثابت بن قيس الهمدانيّ وجندب بن زهير الغامدي وجندب بن كعب الأزدي وعروة بن الجعد وعمرو بن الحمق الخزاعيّ وصعصعة بن صوحان وأخوه زيد وابن الكوّاء وكميل بن زياد وعمير بن ضابيء وطليحة بن خويلد، وكانوا يفيضون في أيام الوقائع وفي أنساب الناس وأخبارهم وربما ينتهون إلى الملاحاة ويخرجون منها إلى المشاتمة والمقاتلة، ويعذلهم في ذلك حجّاب سعيد بن العاص فينهرونهم [١] ويضربونهم. وقد قيل إن سعيدا قال يوما: إنما هذا السواد بستان قريش، فقال له الأشتر: السواد الّذي أفاء الله علينا بأسيافنا تزعم أنه بستان لك ولقومك؟ وخاص القوم في ذلك، فأغلظ لهم عبد الرحمن الأسدي [٢] ، صاحب شرطته فوثبوا عليه وضربوه حتى غشي عليه، فمنع سعيد بعدها السمر عنده.

فاجتمعوا في مجالسهم يثلبون سعيدا وعثمان، والسفهاء يغشونهم.

فكتب سعيد وأهل الكوفة إلى عثمان في إخراجهم، فكتب أن يلحقوهم بمعاوية وكتب إلى معاوية إن نفرا خلقوا للفتنة فقم عليهم وانههم وإن آنست منهم رشدا فاقبل وان أعيوك فارددهم علي، فأنزلهم معاوية وأجرى عليهم ما كان لهم بالعراق، وأقاموا عنده يحضرون مائدته ثم قال لهم يوما: «أنتم قوم من العرب لكم أسنان وألسنة وقد أدركتم بالإسلام شرفا وغلبتم الأمم وحويتم مواريثهم وقد بلغني أنكم نقمتم قريشا ولو لم تكن قريش كنتم أذلة إذا أئمتكم لكم جنة فلا تفترقوا على جنتكم وان أئمتكم يصبرون لكم على الجور ويحملون عنكم المؤنة والله لتنتهنّ أو ليبتلينكم الله بمن يسومكم ولا يحمدكم على الصبر، ثم تكونون شركاءهم [٣] فيما جررتم على الرعية في حياتكم وبعد وفاتكم» . فقال له صعصعة منهم: أمّا ما ذكرت من قريش فإنّها لم تكن أكثر الناس ولا أمنعها في الجاهلية فتخوّفنا، وأمّا ما ذكرت من الجنّة فانّ الجنّة إذا


[١] وفي نسخة اخرى: فيهزمونهم.
[٢] وفي نسخة اخرى: الازدي
[٣] وفي النسخة الباريسية: ثم يكونون شركاءكم

<<  <  ج: ص:  >  >>