للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسائكم على مائة درهم وردّ أولى [١] البلاء منكم إلى ألفين، ويزعم أن فيئكم بستان قريش. ثم استخف الناس ونادى يزيد في الناس من شاء أن يلحق بيزيد لردّ سعيد فليفعل، فخرجوا وذوو الرأي يعذلونهم فلا يسمعون.

وأقام أشراف الناس وعقلاؤهم مع عمرو بن حريث ونزل يزيد وأصحابه الجزعة [٢] قريبا من القادسية لاعتراض سعيد وردّه، فلما وصل قالوا: ارجع فلا حاجة لنا بك قال: إنما كان يكفيكم أن تبعثوا واحدا إليّ وإلى عثمان رجلا. وقال مولى له: ما كان ينبغي لسعيد أن يرجع، فقتله الأشتر ورجع سعيدا الى عثمان فأخبره بخبر القوم وأنهم يختارون أبا موسى الأشعري، فولّاه الكوفة وكتب إليهم: «أما بعد فقد أمرت عليكم من اخترتم وأعفيتكم من سعيد والله لأقرضنكم عرضي ولأبذلنّكم صبري ولاستصلحنكم بجهدي» . وخطب أبو موسى الناس، وأمرهم بلزوم الجماعة، وطاعة عثمان، فرضوا ورجع الأمراء من قرب الكوفة واستمرّ أبو موسى على عمله.

وقيل إنّ أهل الكوفة أجمع رأيهم أن يبعثوا إلى عثمان ويعذلوه فيما نقم عليه، فأجمع رأيهم على عامر بن عبد القيس الزاهد وهو عامر بن عبد الله من بني تميم ثم من بني العنبر [٣] فأتاه وقال له: إن ناسا اجتمعوا ونظروا في أعمالك فوجدوك ركبت أمورا عظاما، فاتق الله وتب إليه. فقال عثمان: ألا تسمعون إلى هذا الّذي يزعم الناس أنه قارئ ثم يجيء يكلمني في المحقرات؟ وو الله لا يدري أين الله. فقال له عامر:

بل والله إني لأدري إنّ الله لبالمرصاد. فأرسل عثمان إلى معاوية وعبد الله بن أبي سرح وسعيد بن العاص وعبد الله بن عامر وعمرو بن العاص، وكانوا بطانته دون الناس فجمعهم وشاورهم، وقال: إنكم وزرائي ونصحائي وأهل ثقتي وقد صنع الناس ما رأيتم فطلبوا أن أعزل عمالي وأرجع إلى ما يحبون فاجتهدوا رأيكم. فقال ابن عامر:

أرى أن تشغلهم بالجهاد، وقال سعيد: متى تهلك قادتهم يتفرّقوا، وقال معاوية:

اجعل كفالتهم إلى أمرائهم وأنا أكفيك الشام، وقال عبد الله: استصلحهم بالمال.

فردّهم عثمان إلى أعمالهم وأمرهم بتجهيز الناس في البعوث ليكون لهم فيها شغل، ورد سعيد إلى الكوفة فلقيه الناس بالجزعة وردوه كما ذكرناه وولّى أبا موسى وأمر عثمان


[١] وفي النسخة الباريسية: على نقض أعطيتكم للنساء وذر النساء
[٢] وفي النسخة الباريسية: المخزعة وفي نسخة اخرى: الجرعة
[٣] وفي نسخة أخرى: بني العنيس.

<<  <  ج: ص:  >  >>