للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى قتل عثمان. وأمّا المصريون فلمّا نزلوا ذا خشب جاء عثمان إلى بيت عليّ ومت إليه بالقرابة في أن يركب إليهم ويردّهم لئلا تظهر الجراءة منهم، فقال له عليّ: قد كلمتك في ذلك فأطعت أصحابك وعصيتني! يعني مروان ومعاوية وابن عامر وابن أبي سرح وسعيدا. فعلى أي شيء أردّهم؟ فقال: على أن أصير إلى ما تراه وتشيره وأن أعصي أصحابي وأطيعك. فركب في ثلاثين من المهاجرين والأنصار فيهم سعيد بن زيد وأبو جهم العدويّ وجبير بن مطعم وحكيم بن حزام ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن عتّاب، ومن الأنصار أبو أسيد الساعدي وأبو حميد وزيد بن ثابت وحسّان وكعب بن مالك، ومن العرب نيار [١] بن مكرز، فأتوا المصريين وتولى الكلام معهم: عليّ ومحمد بن مسلمة، فرجعوا إلى مصر، وقال ابن عديس لمحمد أتوصينا بحاجة، قال: تتقي الله وتردّ من قبلك عن إمامهم فقد وعدنا أن يرجع وينزع. ورجع القوم إلى المدينة ودخل عليّ على عثمان وأخبره برجوع المصريين، ثم جاءه مروان من الغد فقال له: أخبر الناس بأنّ أهل مصر قد رجعوا وأن ما بلغهم عنك كان باطلا قبل أن تجيء الناس من الأمصار ويأتيك ما لا تطيقه ففعل. فلما خطب ناداه الناس من كل ناحية [٢] اتّق الله يا عثمان وتب إلى الله وكان أوّلهم عمرو بن العاص، فرفع يده وقال لهم: إني تائب. وخرج عمرو بن العاص إلى منزله بفلسطين، ثم جاء الخبر بحصاره وقتله.

وقيل إنّ عليّا لما رجع عن المصريين أشار على عثمان أن يسمع الناس ما اعتزم عليه من النزع قبل أن يجيء غيرهم، ففعل وخطب بذلك وأعطى الناس من نفسه التوبة، وقال: «أنا أوّل من اتعظ أستغفر الله مما فعلت وأتوب إليه فليأت أشرافكم يروني رأيهم فو الله إن ردّني الحق عبدا لاستن [٣] بسنّة العبد ولأذلنّ ذل العبد وما عن الله مذهب إلّا إليه فو الله لأعطينكم الرضى ولا أحتجب عنكم» . ثم بكى وبكى الناس ودخل منزله، فجاءه نفر من بني أمية يعذلونه في ذلك فوبختهم نائلة بنت الفرافصة فلم يرجعوا إليها، وعابوه فيما فعل واستذلوه في إقراره بالخطبة والتوبة عند الخوف، واجتمع الناس بالباب وقد ركب بعضهم بعضا، فقال لمروان: كلّمهم فأغلظ لهم


[١] في النسخة الباريسية: ينار وفي نسخة اخرى: دينار
[٢] وفي النسخة الباريسية: من كل جهة
[٣] وفي النسخة الباريسية: لأسيرن

<<  <  ج: ص:  >  >>