للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجاوزوا حدود العوائد وطاوعوا وساوس الإعراب فإذا استكشف أصحاب الدّواوين عن عساكرهم واستنبطت أحوال أهل الثّروة في بضائعهم وفوائدهم واستجليت عوائد المترفين في نفقاتهم لم تجد معشار ما يعدّونه وما ذلك إلّا لولوع النّفس بالغرائب وسهولة التّجاوز على اللسان والغفلة على المتعقّب والمنتقد حتّى لا يحاسب نفسه على خطإ ولا عمد ولا يطالبها في الخبر بتوسط ولا عدالة ولا يرجعها إلى بحث وتفتيش فيرسل عنانه ويسيم في مراتع الكذب لسانه ويتّخذ آيات الله هزءا [١] ويشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل الله وحسبك بها صفقة خاسرة.

ومن الأخبار الواهية للمؤرّخين ما ينقلونه كافّة في أخبار التّبابعة ملوك اليمن وجزيرة العرب أنّهم كانوا يغزون من قراهم باليمن إلى إفريقية [٢] والبربر من بلاد المغرب وأنّ أفريقش بن قيس بن صيفيّ من أعاظم ملوكهم الأول وكان لعهد موسى عليه السّلام أو قبله بقليل غزا إفريقية وأثخن في البربر وأنّه الّذي سمّاهم بهذا الاسم حين سمع رطانتهم وقال ما هذه البربرة فأخذ هذا الاسم عنه ودعوا به من حينئذ وأنّه لمّا انصرف من المغرب حجز هنالك قبائل من حمير فأقاموا بها واختلطوا بأهلها ومنهم صنهاجة [٣] وكتامة ومن هذا ذهب الطّبريّ والجرجانيّ والمسعوديّ وابن الكلبيّ والبيليّ إلى أنّ صنهاجة وكتامة من حمير وتأباه نسابة البربر وهو الصّحيح وذكر المسعوديّ أيضا أنّ ذا الأذعار من ملوكهم قبل أفريقش وكان على عهد سليمان (عليه السّلام) غزا المغرب ودوّخه وكذلك ذكر مثله عن ياسر ابنه من بعده وأنّه بلغ وادي الرّمل في بلاد المغرب ولم يجد فيه مسلكا لكثرة الرّمل فرجع وكذلك يقولون في تبّع الآخر وهو أسعد أبو كرب وكان على عهد يستأسف من ملوك الفرس الكيانيّة أنّه ملك الموصل وأذربيجان


[١] وفي بعض النسخ هزوا.
[٢] كذا المشهور بدون تشديد الباء، وقد تشدّد الياء: (إفريقية) في معجم البلدان لياقوت الحموي.
[٣] صنهاجة بفتح الصاد كما هي معروفة في المغرب، وبكسر الصاد كما وردت في ألف.

<<  <  ج: ص:  >  >>