للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستون ألف مقاتل! ثم تهدّدهم وأمرهم بالنفير مع جارية بن قدامة السعدي، فخرج معه ألف وستمائة [١] ووافوا عليّا في ثلاثة آلاف ويزيدون. ثم خطب أهل الكوفة ولاطفهم بالقول وحرّضهم وأخبرهم بما فعل أهل البصرة مع كثرتهم وقال ليكتب إليّ كل رئيس منكم ما في عشيرته من المقاتلة من أبنائهم ومواليهم، فأجابه سعيد بن قيس الهمدانيّ ومعقل بن قيس وعديّ بن حاتم وزياد بن خصفة وحجر بن عديّ وأشراف الناس بالسمع والطاعة، وأمروا ذويهم ألّا يتخلّف منهم أحد، فكانوا أربعين ألف مقاتل وسبعة عشر ممن بلغ الحلم، وانتهت عساكره إلى ثمانية وستين ألفا.

وبلغه أنّ الناس يرون تقديم الخوارج فقال لهم: إنّ قتال أهل الشام أهم [٢] علينا لأنّهم يقاتلونكم ليكونوا ملوكا جبارين ويتخذوا عباد الله خولا فرجعوا إلى رأيه وقالوا: سر بنا إلى حيث شئت. وبينما هو على اعتزام السير إلى أهل الشام بلغه أنّ خوارج أهل البصرة لقوا عبد الله بن خباب من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبا من النهروان فعرّفهم بنفسه، فسألوه عن أبي بكر وعمر فأثنى خيرا، ثم عن عثمان في أول خلافته وآخرها فقال: كان محقا في الأوّل والآخر، فسألوه عن عليّ قيل التحكيم وبعده، فقال: هو أعلم باللَّه وأشدّ توقيا على دينه، فقالوا: إنك توالي الرجال على أسمائها، ثم ذبحوه وبقروا بطن امرأته ثم قتلوا ثلاث نسوة من طيِّئ.

فآسف عليّا قتلهم عبد الله بن خباب واعتراضهم الناس، فبعث الحرث بن مرّة العبديّ لينظر فيما بلغه عنهم فقتلوه، فقال له أصحابه: كيف ندع هؤلاء ونأمن غائلتهم في أموالنا وعيالنا إنّما نقدّم أمرهم على الشام، وقام الأشعث بن قيس بمثل ذلك فوافقهم عليّ وسار إليهم، وبعث من يقول لهم ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم فنكف عنكم حتى نرجع من قتال العرب [٣] لعل الله يردّكم إلى خير، فقالوا: كلّنا قتلهم وكلنا مستحل دماءكم ودماءهم، ثم جاءهم قيس بن سعد ووعظهم وأبو أيوب الأنصاري كذلك.

ثم جاءهم عليّ فتهدّدهم وسفّه رأيهم ويريهم [٤] شأن الحكمين وأنهما لما خالفا حكم


[١] وفي النسخة الباريسية: ألف وسبعمائة.
[٢] وفي النسخة الباريسية: أحب علينا.
[٣] يعني المؤرخ قتال أهل الشام.
[٤] وفي نسخة اخرى: بيّن لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>