الله عليهما نبيّين وملكين وكانا على غاية الاستقامة في دنياهما وعلى طاعة ربّهما عزّ وجل. ومعاوية لم بطلب الملك ولا أبّهته للاستكثار من الدنيا، وانما ساقه أمر العصبيّة بطبعها لمّا استولى المسلمون على الدول كلها وكان هو خليفتهم فدعاهم بما يدعو الملوك إليه قومهم عند ما تستفحل العصبيّة وتدعو لطبيعة الملك. وكذلك شأن الخلفاء أهل الدين من بعده إذا دعتهم ضرورة الملك إلى استفحال أحكامه ودواعيه، والقانون في ذلك عرض أفعالهم على الصحيح من الأخبار لا بالواهي، فمن جرت أفعاله عليها فهو خليفة النبي صلى الله عليه وسلم في المسلمين، ومن خرجت أفعاله عن ذلك فهو من ملوك الدنيا وإنما سمّي خليفة بالمجاز.
الأمر الثاني في ذكر معاوية مع خلفاء بني أمية دون الخفاء الأربعة أنهم كانوا أهل نسب واحد وعظيمهم معاوية، فجعل مع أخل نسبه، والخفاء الأوّلون مختلفو الأنساب فجعلوا في نمط واحد وألحق بهم عثمان وإن كان من أهل هذا النسب للحوقه بهم قريبا في الفضل والله يحشرنا في زمرتهم ويرحمنا بالاقتداء بهم.
تمت تكملة الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث وأوّله الخبر عن الدول الإسلامية ونبدأ منها بدولة بني أمية معقبة لخلفاء صدر الإسلام وذكر أوليتهم وأخبار دولهم واحدة واحدة الى انقضائها