ذلك عمرا فقال لمعاوية: يختان المال فلا تقدر على ردّه فعد فاستعمل من يخافك فنصب المغيرة على الصلاة وولّى على الخراج غيره، وكان على القضاء شريح. (ولما ولي) المغيرة على الكوفة استعمل كثير بن شهاب على الريّ وأقرّه زياد بعده. وكان يغزو الديلم ثم بعث على البصرة بسر بن أرطاة وكان قد تغلّب عليها حمران بن زيد عند صلح الحسن مع معاوية فبعث بسرا عليها فخطب الناس وتعرّض لعليّ. ثم قال: نشدت الله رجلا يعلم أني صادق أو كاذب ولا صدقني أو كذّبني. فقال أبو بكرة: اللَّهمّ لا نعلمك إلّا كاذبا فأمر به فخنق فقام أبو لؤلؤة الضبيّ فدفع عنه. وكان على فارس من أعمال البصرة زياد بن أبيه وبعث إليه معاوية يطلبه في المال فقال: صرفت بعضه في وجهه واستودعت بعضه للحاجة إليه وحملت ما فضل إلى أمير المؤمنين رحمه الله فكتب إليه معاوية بالقدوم لينظر في ذلك فامتنع فلما ولي بسر على البصرة جمع عنده أولاد زياد والأكابر عبد الرحمن وعبد الله وعبّاد وكتب إليه لتقدمنّ أو لأقتلنّ بنيك فامتنع واعتزم بسر على قتلهم فأتاه أبو بكرة وكان أخا زياد لأمّه فقال: أخذتهم بلا ذنب وصالح الحسن على أصحاب عليّ حيث كانوا فأمهله بسر إلى أن يأتي بكتاب معاوية. ثم قدم أبو بكرة على معاوية وقال: إنّ الناس لم يبايعوك على قتل الأطفال وإنّ بسرا يريد قتل بني زياد! فكتب إليه بتخليتهم وجاء إلى البصرة يوم المهاد ولم يبق منه إلّا ساعة وهم موثقون للقتل فأدركهم وأطلقهم انتهى. (ثم عزل) معاوية بسرا عن البصرة وأراد أن يولي عتبة بن أبي سفيان فقال له ابن عامر:
إنّ لي بالبصرة أموالا وودائع وإن لم تولني عليها ذهبت. فولّاه وجعل إليه معها خرسان وسجستان وقدمها سنة إحدى وأربعين فولي على خراسان قيس بن الهيثم السلميّ وكان أهل بلخ وباذغيس وهراة ويوشلخ [١] قد نضوا، فسار إلى بلخ وحاصرها حتى سألوا الصلح وراجعوا الطاعة، وقيل إنّما صالحهم الربيع بن زياد سنة إحدى وخمسين على ما سيأتي (ثم قدم) قيس على ابن عامر فضربه وحبسه وولّى مكانه عبد الله بن حازم، وقدم خراسان فأرسل إليه أهل هراة وباذغيس ويوشلخ في الأمان والصلح فأجابهم وحمل لابن عامر مالا انتهى. (ثم ولّى) معاوية سنة اثنتين وأربعين على المدينة مروان بن الحكم وعلى مكّة خالد بن العاص بن هشام. واستقصى مروان عبد الله بن الحرث بن نوفل وعزل مروان عن المدينة سنة تسع وأربعين وولّى مكانه سعيد بن العاص وذلك لثمان سنين من