للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجوع إلى مرادهم، وذكر له شأن الموالي وشركتهم في الفيء فقال: إن أعطيتموني عهدكم على قتال بني أمية وابن الزبير تركتهم فقال: اخرج إليهم بذلك وخرج فلم يرجع. واجتمع رأيهم على قتاله وهم شيث بن ربعي ومحمد بن الأشعث وعبد الرحمن بن سعد بن قيس وشمر بن ذي الجوشن وكعب بن أبي كعب النخعيّ، وعبد الرحمن بن مخنف الأزديّ. وقد كان ابن مخنف أشار عليهم بأن يمهلوه لقدوم أهل الشام وأهل البصرة فيكفونكم أمره قبل أن يقاتلكم بمواليكم وشجعانكم وهم عليكم أشدّ، فأبوا من رأيه وقالوا: لا تفسد جماعتنا. ثم خرجوا وشهروا السلاح وقالوا للمختار: اعتزلنا فإنّ ابن الحنفية لم يبعثك. قال: نبعث إليه الرسل مني ومنكم، وأخذ يعللهم بأمثال هذه المراجعات وكفّ أصحابه عن قتالهم ينتظر وصول إبراهيم بن الأشتر، وقد بعث إليه بالرجوع فجاء فرأى القوم مجتمعين ورفاعة بن شدّاد البجليّ [١] يصلي بهم. فلما وصل إبراهيم عبّأ المختار أصحابه وسرح بين يديه أحمد ابن شميط البجليّ وعبد الله بن كامل الشادي فانهزم أصحابهما وصبرا ومدّهما المختار بالفرسان والرجال فوجا بعد فوج، وسار ابن الأشتر الى مصر وفيهم شيث ابن ربعيّ فقاتلوه فهزمهم فاشتدّ ابن كامل على اليمن ورجع رفاعة بن شدّاد أمامهم إلى المختار فقاتل معه حتى قتل من أهل اليمن عبد الله بن سعيد بن قيس، والفرات ابن زخر بن قيس، وعمر بن مخنف، وخرج أخوه عبد الرحمن فمات وانهزم أهل اليمن هزيمة قبيحة وأسر من الوادعيين خمسمائة أسير فقتل المختار كل من شهد قتل الحسين منهم فكانوا نصفهم وأطلق الباقين ونادى المختار الأمان إلا من شهد في دماء أهل البيت وفرّ عمر بن الحجّاج الزبيدي، وكان أشدّ من حضر قتل الحسين، فلم يوقف له على خبر وقيل أدركه أصحاب المختار فأخذوا رأسه، وبعث في طلب شمر بن ذي الجوشن، فقتل طالبه وانتهى إلى قرية الكلبانية فارتاح يظنّ أنه نجا. وإذا في قرية أخرى بإزائه أبو عمرة صاحب المختار، بعثه مسلخة بينه وبين أهل البصرة، فنمي إليه خبره فركب إليه فقتله وألقى شلوه للكلاب وانجلت الوقعة عن سبعمائة وثمانين قتيلا أكثرهم من اليمن، وكان آخر سنة ست وستين، وخرج أشراف الناس إلى البصرة وتتبع المختار قتلة الحسين ودلّ على عبيد الله بن أسد الجهنيّ ومالك بن نسير الكنديّ.

وحمل ابن مالك المحاربيّ بالقادسية فأحضرهم وقتلهم. ثم أحضر زياد بن مالك


[١] وفي نسخة ثانية: الجبيليّ.
ابن خلدون م ٣ ج ٣-

<<  <  ج: ص:  >  >>