وراجع كتاب المهلب فعلم نصيحته. ودخل عبد الرحمن البصرة فبايعه أهلها وسائر نواحيها لأنّ الحجّاج كان اشتد على الناس في الخراج، وأمر من دخل الأمصار أن يرجع إلى القرى، يستوفي الجزية، فنكر ذلك الناس وجعل أهل القرى يبكون منه، فلما قدم عبد الرحمن بايعوه على حرب الحجّاج وخلع عبد الملك. ثم اشتدّ القتال بينهم في المحرّم سنة اثنتين وثمانين، وتزاحفوا على حرب الحجّاج وخلع عبد الملك. وانهزم أهل العراق وقصدوا الكوفة وانهزم منهم خلق كثير. وفشا القتل في القرى فقتل منهم عقبة بن الغافر الأزدي في جماعة استلحموا معه، وقتل الحجّاج بعد الهزيمة منهم عشرة آلاف وكان هذا اليوم يسمّى يوم الراوية. واجتمع من بقي بالبصرة على عبد الرحمن ابن عبّاس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب وبايعوه، فقاتل بهم الحجّاج خمس ليال ثم لحق بابن الأشعث بالكوفة ربيعة طائفة من أهل البصرة. ولما جاء عبد الرحمن الكوفة وخليفة الحجّاج عليها عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عبد الله الحضرميّ وثب بع مطر بن ناحية من بني تميم مع أهل الكوفة، فاستولى على القصر وأخرجه. فلما وصل ابن الأشعث لقيه أهل الكوفة واحتف به همدان وجاء إلى القصر فمنعه مطر فصعد الناس القصر وأخذوه فحبسه عبد الرحمن وملك الكوفة. ثم إنّ الحجّاج استعمل على البصرة الحكم بن أيوب الثقفي ورجع إلى الكوفة فنزل دوير فيرة، ونزل عبد الرحمن دير الجماجم واجتمع إلى كل واحد أمداده وخندق على نفسه وبعث عبد الملك ابنه عبد الله وأخاه محمدا في جند كثيف وأمرهما أن يعرضا على أهل العراق عزل الحجّاج ويجرى عليهم أعطياتهم كأهل الشام، وينزل عبد الرحمن إلى أيّ بلد شاء عاملا لعبد الملك.
فوجم الحجّاج لذلك وكتب إلى عبد الملك: إنّ هذا ممن يزيدهم جراءة وذكّره بقضية عثمان وسعيد بن العاص. فأبى عبد الملك من رأيه وعرض عبد الله ومحمد بن مروان ما جاء به عبد الملك وتشاور أهل العراق بينهم وأشار عليهم عبد الرحمن بقبول ذلك، وأن العزّة لهم على عبد الملك لا تزول، فتواثبوا من كل جانب منكرين لذلك ومجدّدين الخلع. وتقدّمهم في ذلك عبد الله بن دواب السلميّ وعمير بن تيحان، ثم برزوا للقتال وجعل الحجّاج على ميمنته عبد الرحمن بن سليم الكلبي، وعلى ميسرته عمارة بن تميم اللّخميّ، وعلى الخيل سفيان بن الأبرد الكلبي، وعلى الرجّالة عبد الله بن حبيب الحكميّ. وجعل عبد الرحمن على ميمنته الحجّاج بن