السلميّ بغزو الصغد وهم آمنون على مسافة عشرة أيام. فقال أكتم ذلك فقدّم أخاه في الفرسان والرماة، وبعثوا بالأثقال إلى مرو، وخطب قتيبة الناس وحثّهم على الصغد وذكّرهم الضغائن فيهم. ثم سار فأتى الصغد بعد ثلاث من وصول أخيه، فحاصرهم بسمرقند شهرا واستجاشوا ملك الشاش وأخشاد [١] خاقان وفرغانة فانتخبوا أهل النجدة من أبناء الملوك والمرازبة والأساورة وولّوا عليهم ابن خاقان وجاءوا إلى المسلمين، فانتخب قتيبة من عسكره ستمائة فارس، وبعث بهم أخاه صالحا لاعتراضهم. في طريقهم، فلقوهم بالليل وقاتلوهم أشدّ قتال، فهزموهم وقتلوهم وقتلوا ابن خاقان ولم يفلت منهم إلا القليل وغنموا ما معهم، ونصب قتيبة المجانيق فرماهم بها وثلم السور واشتدّ في قتالهم، وحمل الناس عليهم إلى أن بلغوا الثلمة. ثم صالحوه على ألفي ألف ومائتي ألف مثقال، في كل عام، وأن يعطوه تلك السنة ثلاثين ألف رأس، وأن يمكّنوه من بناء مسجد بالمدينة ويخلوها حتى يدخل فيصلّي فيه.
فلما فعل ذلك ودخل المدينة أكرههم على إقامة جند فيها وقيل إنه شرط عليهم الأصنام وما في بيوت النار فأعطوه فأخذ الحلية وأحرق الأصنام وجمع من بقايا مساميرها وكانت ذهبا خمسين ألف مثقال. وبعث بجارية من سبيها من ولد يزدجرد إلى الحجّاج، فأرسلها الحجّاج إلى الوليد وولدت له يزيد. ثم قال فورك لقتيبة انتقل عنّا فانتقل وبعث إلى الحجاج بالفتح. ثم رجع إلى مرو واستعمل على سمرقند إياس ابن عبد الله على حربها، وعبيد الله بن أبي عبيد الله مولى مسلم على خراجها، فاستضعف أهل خوارزم إياسا وجمعوا له فبعث قتيبة عبد الله عاملا على سمرقند وأمره أن يضرب إياسا وحبايا السطي مائة مائة ويخلعهما. فلما قرب عبد الله من خوارزم مع المغيرة بن عبد الله فبلغهم ذلك وخشي ملكهم من أبناء الذين كان قتلهم ففرّ إلى بلاد الترك. وجاء المغيرة فقتل وسبى وصالحه الباقون على الجزية، ورجع إلى قتيبة فولّاه على نيسابور ثم غزا قتيبة سنة أربع وتسعين إلى ما وراء النهر وفرض البعث على أهل بخارى وكشّ ونسف وخوارزم، فسار منهم عشرون ألف مقاتل فبعثهم إلى الشاش وسار هو إلى خجندة فجمعوا له واقتتلوا مرارا كان الظفر فيها للمسلمين. وفتح الجند الذين ساروا إلى الشاش مدينة الشاش وأحرقوها ورجعوا إلى قتيبة وهو على كشان
[١] قوله واخشاد لعله اخشيد فرغانة لأن ملك فرغانة يقال له الإخشيد من خط الشيخ العطار.